2022-09-02 الساعة 05:55م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
اختطاف وإعدام قاضي في صنعاء، حادثة تتكرر في المدينة الخاضعة لسيطرة المليشيا، إلا أن الجريمة هذه المرة كبيرة جدا، فالضحية قاضٍ في المحكمة العليا، والجناة حوثيون، والمحرض قيادات عليا في الجماعة المدعومة من إيران، لا زالوا يكيلون التهم للمقتول، ويبررون، بتهكم وسخرية، تصفيته وإعدامه.
وفي وقت سابق، قال مصدر قضائي في صنعاء لـ"المصدر أونلاين" إن عصابة مسلحة تابعة لقيادي في مليشيا الحوثي قتلت عضو المحكمة العليا القاضي محمد حمران بعد مرور يوم ونصف على اختطافه.
وكان القاضي حمران خطف، مساء الثلاثاء، من أمام منزله في حي الأصبحي جنوب مدينة صنعاء على خلفية صراع أجنحة بين قيادات الميليشيا على أراض وعقارات، قال نادي قضاة اليمن إنها "تزامنت مع الحملة الإعلامية الممنهجة لتشويه مكانة القضاء ومنتسبيه".
النادي اتهم في بيانه مجلس القضاء الأعلى للحوثيين ووزارة داخليتهم، و"القيادة السياسة (الحوثية)"، بالتقاعس والسكوت عن حادثة الاختطاف "وعدم ضبط مرتكبيها والتنديد والإدانة بها وسابقاتها"، مهددا بـ"وسائل تصعيد لا ترضي أحدا" إذا لم يطلق سراح القاضي.
وفيما يبدو استجابة على طريقة المافيا، أعلنت داخلية الحوثيين ضبط الخاطفين، وأصدر مجلس القضاء الأعلى بيان إدانة ونعي في نفس الوقت، مقرونة ببيانات إشادة أخرى بالجهود السريعة والحثيثة للإنقاذ والمتابعة المستمرة من القيادة التي سبق ووضعت نفسها طرفا في جريمة القتل، أن لم تكن شريكة ومحرضة بالصوت والصورة.
محمد العماد مالك ورئيس قناة الهوية، أفصح عن ذلك في منشور له، ينسجم مع اتهامات سابقة كالها ضد القاضي حمران، حيث اتهمه أنه عضو في شبكة مافيا أراضي وتزوير ينتمي لها معظم أعضاء مجلس القضاء، وقال في منشوره بصفحته ما نصه: "إذا صح خبر مقتل القاضي محمد حمران على يد الخاطفين.. يجب أن يتم التحقيق في جميع ملفات القاضي حمران التي كان متورطاً فيها وسوف ينكشف بأن قتله كان لإخفاء جريمة أكبر لو لم يقتل".
من هو حمران؟
القاضي "محمد احمد صالح حمران"، من أبناء مديرية السدة بمحافظة إب، عمل رئيساً لمحكمة جنوب غرب الأمانة ثم رئيسا لمحكمة الطويلة بمحافظة المحويت، وفي العام الذي شهد أول مواجهة بين الجيش ونظام صالح مع المتمردين الحوثيين، عين بالقرار الجمهوري رقم (230) لسنة 2004م، ضمن حركة تنقلات القضاة، عضو الشعبة الجزائية والشخصية بمحكمة استئناف محافظة صعدة.
ولاحقاً عين بموجب القرار رقم (178) لسنة 2009 عضوا في محكمة استئناف محافظة صنعاء والجوف، قبل أن يرقى عضواً ونائباً لرئيس التفتيش القضائي، وعين القاضي حمران بالقرار الجمهوري رقم 6 لسنة 2012، عضواً في المحكمة العليا.
صدمة وغموض
هزت الجريمة الرأي العام، وقوبلت بردود فعل ساخطة على المليشيا وقيادتها المتورطة في الجريمة، وكان وقعها شديداً على العاملين في السلك القضائي.
نادي قضاة اليمن، لم يصدر بعد بياناً بشأن الإعدام، لكن صفحة أخباره الرسمية نشرت تعقيباً للقاضي "سلمان الصلوي"، قال فيه "تصفية القاضي حمران اجهاز على ما تبقى من الحرية والكرامة والإنسانية نطالب بفتح تحقيق دولي فكم نال من المضايقات من تاريخ سابق حين كان يشغل نائب رئيس تفتيش وهو يذود عن القضاة...".
وأكد القاضي "عبدالوهاب قطران، أن "ما حصل من خطف بوضح النهار ثم قيام الخاطفين بتصفيته... هو نتاج طبيعي للتحريض ضد القضاء والقضاة من قبل رئيس منظومة التغريدات (محمد الحوثي) ومن خلفه محمد العماد وهويته اللذي يحرض منذ سنوات صباح مساء مباشرة وعلى الهواء، من على شاشة (قناة الهوية) بكل وقاحة وصفاقة ودعم ورعاية، بعض أجنحة سلطة صنعاء".
محمد المقالح عضو ما يسمى اللجنة الثورية العليا التي كانت لافتة الحوثيين للحكم بعد اجتياح صنعاء نهاية عام 2014، عبر هو الأخر عن صدمته من قتل القاضي حمران، مشيرا في تغريدة أخرى إلى أن القاتل فاسد وناهب أراضي وأن الخاطفين لا يمكن أن يكونوا قبائل فـ"لا يغطي على عيون المخطوف إلا إذا كانت عصابة منظمة أو جهاز أمن سري".
أشار آخرون للغموض في الحادثة، فلو كان هدف الخاطفين قتل القاضي حمران لقتلوه جوار منزله، وذهبوا في حال سبيلهم، لكن خطفه ثم تصفيته، اعتبروها جريمة مركبة ذات أبعاد أعمق من مجرد أن تكون حادثة فردية.
صراع للنهب
أواخر عام 2020، أعلن الحوثيون عما اسموها "باللجنة العليا للمنظمة العدلية، بقيادة عضو المجلس السياسي ورئيس ما كان يسمى باللجنة لثورية العليا "محمد علي الحوثي".
ودشنت تلك الجنة المبهمة المهام، حملة ظاهرا لضبط الأمناء غير الشرعيين، ومزوري المحررات والعقود الخاصة، قبل أن تتوسع إلى اختطافات جماعية في كل المحافظات، وإحلال أمناء شرعيين جدد موالين للحوثيين، وحصر تحرير العقود بهم، في خطوة عدها مراقبون جزء من عملية واسعة لنهب وتملك الأراضي والعقارات، سوى كانت للدولة أو المناوئين للمليشيا، والمواطنين عموماً.
في الأشهر الأخيرة، منعت "المنظومة العدلية" القضاة من تحرير أي عقود بيع وشراء، والزمتهم بالاستعانة بالأمناء المعتمدين من وزرة العدل التابعة لها، قبل أن تدشن حملة ضد ما اسمتهم "القضاة الفاسدين"، فطالت حملات التحريض والإعلام العديد من العاملين بالسلك القضائي، ووصلت لحد اتهام بعضهم بالخيانة أو "العمل للعدوان"، كما غرد بذلك محمد علي الحوثي.
لماذا العماد؟
قاد العماد على مدى سنوات حملات تشهير وابتزاز للقضاة، على خلفية نزاع أراضي وعقارات قديم بين والده والقيادي المحسوب على الرئيس السابق مهدي مقولة.
نهاية يناير الماضي، أعلن العماد انتصاره ضمناً عبر قناة الهوية، توحقق العدالة، بانصاف القضاء لوالده المتوفى، بأن أعاد "أملاكه الواقعة في شارع تعز تقاطع شارع الستين الجنوبي التي استولى عليها أحد عتاولة النظام السابق".
وفق القناة فإن إعادة عقارات وأملاك عديدة في شارع تعز جاء "بإثر حكم قضائي من محكمة (جنوب شرق) الأمانة، أصدره القاضي (خالد الأثوري) رئيس المحكمة"، لينهي جزء من نزاع لا زال يخوضه العماد وأسرته ضد أسرة مقولة، حسب تصريحات الأخير المتكررة.
وفي الحملات المتواصلة، دشنت القناة في برنامجها "التاسعة والنصف"، حملة بعنوان "مفترق طرق بين الهوية والمسؤولين على العدالة"، استضاف فيها مواطنين قالوا إنهم ضحايا لحمران.
ومن خلال متابعة المصدر أونلاين للحلقات فإن الموضوع متعلق بأراضي جمعية سكنية مساهمات، "جمعية الشباب والرياضة والأمن السياسي"، ويقود الجمعية: "محمد رزق الصرمي، يحيى الروضي، والقاضي محمد حمران"، بحسب رواية الضيوف في الحلقة فإن القاضي حمران كاتب البصائر فيها، اتهمه المتحدثون بكتابة عدة بصائر، والنصب والاحتيال والمماطلة في تسليمها للمساهمين، إضافة إلى تميلك عدة أشخاص في مواضع ذاتها.
وضمن الروايات اتهمت القناة رئيس المؤتمر الشعبي جناح صنعاء صادق أمين أبو راس، في جزء من مشاكل أراضي الجمعية وأنه بسط على ارض أحد المساهمين.
وفي الحلقات المتتالية التي تابعها محرر "المصدر أونلاين" يصرح العماد شخصيا عن ضرورة ضبط حمران، متسائلاً عن حملات ضبط الأمناء الشرعيين فيما الفاسد حمران وزملائه القضاة في مجلس القضاء الأعلى لم تطالهم المنظومة العدلية.
وفي إحدى الحلقات بتاريخ 31 يوليو الفائت قال العماد: "حمران شكله كان متأمر على أبي.. كان يجي عند أبي على سب مهدي مقولة، وكنت أقول والله هذا مؤمن الصدق.. ويمكن أنه كان رسول هذك الايام، كانوا يحاولوا تلك الفترة يبزوا الأصول، حقنا حق البصائر حق شارع تعز، لكن أبي ما كان يمكن أحد.. الخلاصة أن مثل هؤلاء ما احد قدر لهم".
وفي منشوراته على فيسبوك يجاهر العماد باتهام حمران بالفساد، ويحرض عليه علناً، ويربط الموضوع بمن يسميهم "العفاشيين أو المحسوبين على المؤتمر الشعبي العام، وحرض على البرلماني أحمد حاشد والقاضي عبدالوهاب قطران باعتبارهم عملاء للعفافيش.