2022-12-14 الساعة 08:24م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
عقد مجلس الأمن الدولي يوم أمس، جلسة مشاورات مغلقة هي الثالثة خلال العام الجاري 2022، لتدارس الوضع والتطورات في اليمن، في مؤشر على وصول جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لطريق مسدود .
وعلى مدى الثلاث سنوات الفائتة يعقد المجلس كل شهر جلسة لمناقشة "الوضع في الشرق الأوسط (اليمن)"، أغلبها بالنظام المفتوح (علنية)، مع عقد جلسة واحدة مغلقة أو جلستين على الأكثر، خلال اشتداد المعارك أو قبيل اصدار قرارات دولية بشأن الحرب في اليمن.
وبلغت الجلسات السرية التي عقدها المجلس هذا العام، بما فيها جلسة يوم أمس الثلاثاء ثلاث جلسات على التوالي في (17 مايو، 8 سبتمبر، 13 ديسمبر) إضافة إلى عقد المجلس في يوليو الماضي جلستين مفتوحة ومغلقة، قدم في الأولى المبعوث الأممي إحاطته للمجلس وفي الثانية استمع مجلس الأمن لتقرير رئيس بعثة الأمم المتحدة مايكل بيري.
واكتفى مكتب المبعوث الأممي بنشر خبر تقديم المبعوث الأممي إحاطة في الجلسة المغلقة يوم أمس الثلاثاء. ولم يتطرق المتحدث باسم الأمين العام في إحاطته الصحفية اليومية للجلسة واليمن بشكل عام، خلافا للعادة، ورغم أن مؤتمره الصحفي عقد ظهرا بعد أكثر من ساعتين من الجلسة المخصصة لليمن والتي عقدت في العاشرة صباحا بتوقيت نيويورك.
جمود وغموض
يسيطر على الموقف الدولي والأممي من تطورات الوضع في اليمن، كما هو الحال الآن على الأرض لا حرب ولا سلام ولا هدنة مؤقتة، مع استمرار سريان بنود الهدنة التي بدأ سريانها مطلع أبريل الماضي وانتهت بشكل رسمي بفشل جهود تجديدها مطلع أكتوبر الفائت بعد تجديدها مرتين.
ومن بنود الهدنة المنتهية تواصل الحكومة تسهيل وصول المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة وتسيير رحلات يومية من وإلى مطار صنعاء الدولي الخاضع لسيطرة الحوثيين، وهي البنود التي جرى تنفيذها من طرف الحكومة، فيما لم تنفذ المليشيا المدعومة من إيران البند الثالث والمتعلق بفك الحصار عن تعز وتسهيل حركة نقل البضائع وعبور المواطنين من وإلى المدينة المحاصرة منذ 8 سنوات.
وبخلاف ذلك، نقلت مليشيا الحوثي الصراع بعد انتهاء الهدنة إلى مرحلة خطيرة وغير مسبوقة، إذ نفذت هجمات بطائرات مسيرة على موانئ نفطية جنوب اليمن، ما تسبب في إيقاف كامل عمليات تصدير النفط الخام من موانئ المناطق المحررة وحرمان الحكومة من عائداتها، وهو تصعيد قابلته الحكومة بتصنيف المليشيا كجماعة إرهابية، واكتفى مجلس الأمن والدول الراعية والمنخرطة في الصراع بإصدار بيانات إدانة وتكرير المطالبة بتجديد الهدنة والانخراط مع المبعوث الأممي بشكل إيجابي.
المبعوث الأممي "هانس جروندبرج" ومنذ إحاطته المقدمة لمجلس الأمن في 23 نوفمبر الفائت، اقصرت تحركاته على العاصمة السعودية الرياض، والعاصمة الأردنية عمان، اختتم زيارة قصيرة للأولى في 6 ديسمبر الجاري، قال إنها في "إطار المساعي الحثيثة لتجديد وتوسيع الهدنة ووضع اليمن على مسار تسوية شاملة للنزاع"، مشيراً إلى لقائه بسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر وسفراء من الأعضاء الدائمين في مجلس الامن خلال الزيارة.
وفي الثانية، التقى المبعوث رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي زار الأردن نهاية نوفمبر الماضي، وقال إن "المناقشات ركزت على خيارات وسُبُل المضي قدماً، ومساعي تعزيز الحوار للتوصل الى تسوية سياسية"، لكنه لم يزر العاصمة العمانية مسقط والتي يقيم فيها الناطق باسم مليشيا الحوثي.
في المقابل، زار المبعوث الأمريكي الخاص لليمن ""تيم لندركينغ"، مسقط في 30 من نوفمبر الماضي، وقال إنه التقى فيها برفقة سفيري بلاده لدى اليمن وسلطنة عمان، "وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية العماني الشيخ "خليفة الحارثي" ومسؤولين آخرين. "ليندركينغ" حصر الهدف من لقاء المسؤولين العمانيين في "شكر سلطنة عمان على جهودها المبذولة في دفع السلام في اليمن"، وقالت الخارجية الأمريكية إن المجتمعين أكدوا "على وجوب اغتنام هذه الفرصة من قِبل الأطراف المتنازعة ووقف الاستفزازات التي تخاطر بدفع اليمن مجددًا إلى حرب مدمرة".
ومطلع ديسمبر الجاري، زار "ليندركينغ" الرياض، وعقد فيها سلسلة اجتماعات مع كلٍّ من: السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن "ديفيد جريسلي"، وزير المالية اليمني "سالم بن بريك".
وبعد زيارته للمنطقة التي بدأت في 28 نوفمبر، عاد المبعوث الأمريكي إلى واشنطن ليقدم في 8 ديسمبر تقريراً بالوضع في اليمن للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، أكد فيها أن الحوثيين تراجعوا في اللحظات الأخيرة، ويشترطون على الحكومة دفع مرتبات المسلحين الذين يقاتلونها لتجديد الهدنة، مع عدم التزاماتهم بوقف إطلاق النار بمثابة شروط مستحيلة.
ورغم الصورة القاتمة التي رسمها للوضع وإصرار الحوثي على الحرب، قال للجنة البرلمانية "على الرغم من هذا السلوك الحوثي المزعزع للإستقرار، فإنني آمل أن تكون هذه هي أفضل فرصة للسلام حصل عليها اليمن منذ سنوات. فالعناصر الرئيسية للهدنة مستمرة، وتستمر المفاوضات المكثفة بين الطرفين حول اتفاق هدنة أوسع نطاقاً، بدعم من الشركاء الإقليميين الرئيسيين مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان".
ماذا دار في الجلسة السرية؟
لا توجد أي بيانات أو تصريحات رسيمة بتفاصيل ما دار في مجلس الأمن، ولا تسريبات أيضاً، بيد أن بعض الدول الأعضاء أفصحت بشكل مقتضب عن بعض القضايا التي تعتبرها على رأس أولوياتها وذلك في تغريدات لبعثاتها الدائمة لدى الأمم المتحدة على تويتر، تابعها محرر "المصدر أونلاين".
الهند الرئيس الدوري لمجلس الأمن اكتفت بعثتها بتغريدة عن جدول أعمال الثلاثاء، ومن ضمنه جلسة بشأن اليمن، فيما قالت بعثة إيرلندا إن عام 2022 بدأ بالشهر الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للمدنيين اليمنيين، وتشير الأشهر الأخيرة إلى إمكانية إحراز تقدم"، مجددة المطالبة "بتمديد وتوسيع الهدنة وتأكيد إيرلندا دعم جهود المبعوث الأممي.
وفيما أكدت ألبانيا دعم جهود المبعوث الأممي الرامية لحمل الأطراف لتجديد وتوسيع الهدنة، ومنح فرصة للشعب اليمني لإعادة بناء حياته وإنهاء الصراع الطويل الأمد، قالت بعثة النرويج إن بلادها ستواصل الوقوف مع الشعب اليمني ودعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة حاثة الأطراف على "توسيع اتفاقية الهدنة منتهية الصلاحية، وحماية المدنيين والاحترام الكامل للقانون الدولي".
ولم تشر بعثات الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى الجلسة المتعلقة باليمن، وهو نفس الحال بالنسبة لبعثة أبوظبي في الأمم المتحدة العضو غير الدائمة في مجلس الأمن، لم تتطرق للجلسة والوضع في اليمن، رغم أن الإمارات لاعب أساسي ومثير للجدل في الصراع اليمني.
ويبقى الحال في اليمن كما هو لا مواجهات عسكرية مفتوحة ودائمة ولا وقف حقيقي لإطلاق النار، ولا هدنة ولا سلام ولا معالجات حقيقية للوضع الإنساني والإغاثي، مع دفع المدنيين تكاليف مضاعفة مؤخرا في ظل الجمود والغموض الذي يكتنف الوضع القائم والتعاطي الدولي الضعيف وغير الحازم، ووعود عرقوب الأممية والآمال الكاذبة التي يرددها المبعوث "هانس" منذ تعيينه في أغسطس 2021.