2022-12-17 الساعة 03:41م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
يسخر قيادي حوثي من فشل الحكومة الشرعية في إخفاء فسادها في توزيع المنح، ويعتبر وزير تعليمها العالي هذا الفساد مبرراً كافيٍاً لقتل وتشريد اليمنيين، فيما الحال في مناطق سيطرتهم تجاوز الخيال إلى درجة أن تعين خريجة طب بدرجة مقبول، أستاذا مساعدا في كلية الطب، لتدرس زملائها في قسم الطب البشري مادة سريرية.
إذ قام "خالد الحوالي" رئيس جامعة عمران المعين من قبل سلطات المليشيا، في أكتوبر الماضي بتعيين "زينب حمود محمد شرف الدين، أستاذاً مساعداً تخصص (الأشعة) بقسم الطب البشري بكلية الطب والعلوم الصحية في الجامعة"، وفقاً للقرار والمحاضر التي اطلع عليها "المصدر أونلاين".
القرار جاء بالمخالفة لكل المعايير الاكاديمية واللوائح المنظمة للتعليم العالي، ويقول المجلس الأكاديمي في إفادته "إن المذكورة زينب حمود شرف الدين حاصلة على درجة البكالوريوس طب بشري من جامعة صنعاء، تخصص طب عام بتقدير مقبول، معدل (62.70)"، مشيرا إلى تقديمها إفادة بأنها "حاصلة على الزمالة العربية في تخصص الأشعة عام 2018م".
وفي الملاحظات قال المجلس الأكاديمي إن قرار التعيين الذي ورد في حيثياته إنه استند على محضر مجلس القسم "لا يوجد فيه محضر (موافقة) مجلس القسم، والمتقدم تقديره مقبول، ولا يوجد شهادة بورد، فقط إفادة"، وأوصى بإعادة الإعلان لشغل وظيفة الأستاذ المساعد لمادة الاشعة.
وللتذكير في أن شهادة البورد العربي أو الزمالة الخليجية أو الألمانية، وغيرها من شهادات ما بعد البكالوريوس، هي شهادات خبرة عملية تخولك العمل خارج الدولة كالزمالة السعودية تخولك العمل في المملكة، لكنها لا تمنحك صكا قانونياً وقدرة عملية وأكاديمية لتدريس طلاب كلية الطب، ولو كمعيد، خاصة وأنت متخرج بدرجة مقبول، وفقا لإفادة مصدر طبي في الخارج لـ"المصدر أونلاين".
وبررت رئاسة جامعة عمران تعيين "زينب حمود" بدرجة أكاديمية رفيعة في كلية الطب، بأنه "قرار استثنائي للأسباب: ندرة التخصص، الاحتياج القائم للكادر الأكاديمي في الكلية، الحرب، الظروف التي تمر بها البلاد". لكن الحقيقة أن الدافع الوحيد وراء تعيين زينب حمود هي صلة القرابة (أخت) نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية "علي حمود شرف الدين".
وحسب المعلومات التي حصل عليها "المصدر أونلاين"، فإن الأستاذة المعينة، بعيدة منذ وقت طويل عن ممارسة العمل الطبي الميداني، إذ تشغل منصب مديرة برامج الرعاية الطبية للنازحين، وفقاً لخبر منشور في وكالة سبأ بنسختها في صنعاء عام 2015م، ومنحها المجلس الطبي الخاضع للمليشيا بطاقة مزاولة مهنة الطب عام 2020.
وثائق ومحاضر أخرى، تشير إلى تعيين قريبة أخرى للقيادي الحوثي اسمها "زهراء شرف الدين"، بدرجة أكاديمية بالكلية ذاتها، وبالمخالفة للمعايير الاكاديمية ودون موافقة مجلس القسم ومجلس الكلية على التعيين.
وقد تنبه طلاب كلية الطب في عمران، لخطورة مثل هكذا تعيين تستند على القرابة والعائلة بعيدا عن معايير الكفاءة والشهادات الاكاديمية والخبرة في مجال التعليم، حيث شهدت الكلية احتجاجات ووقفات منددة برداءة سير عملية التعليم والتدريب السريري على وجه الخصوص.
إحدى تلك الوقفات الاحتجاجية، نظمت نهاية نوفمبر الماضي، بعد أيام من تعيين "زينب شرف الدين" مدرسة لمادة الأشعة، نفذها طلاب وطالبات الدفعة الثانية طب بشري البالغ عددهم 139 طالباً، طالبوا في وقفتهم قيادة الجامعة والتعليم العالي بتوفير "كادر تعليمي متخصص ذي كفاءة وخبرة لتدريبهم والنهوض بالطب والتعليم على حد سواء". وحذر الطلاب من "حجم الأخطاء الطبية والأروح التي سوف تزهق" بسبب التقصير في تعليمهم وتوفير كادر أكاديمي متخصص لتدريبهم في المواد السريرية والعملية على وجه الخصوص، محملين قيادة الكلية والجامعة مسؤولية ذلك.
الفساد لا يقتصر على كلية الطب في الجامعة، حيث أضحت التعيينات في الدرجات الأكاديمية، حصرا على عائلات وأقارب القيادات الحوثية، وهو نفس الحال في الوظائف الإدارية التي تعج كشوفاتها بأسماء متشابهة بعضها من عائلات واحدة، يحصل معظمهم على مرتبات وحوافز فيما يحرم غيرهم من الموظفين الأساسيين وحتى الأكاديميين الذين أجبر معظمهم للعمل مجاناً منذ سنوات للحفاظ على درجاتهم الوظيفية.
على سبيل المثال لا الحصر، استعرض اجتماع للجنة الأكاديمية بكلية الهندسة بجامعة عمران، في مارس ٢٠٢١، محضر توصية من مجلس قسمي الهندسة المدنية والعمارة في محضر بتاريخ ١٤ فبراير بشأن تحويل إحدى درجات "أستاذ مساعد" والمعاد إعلانه للمرة الثالثة إلى درجة مدرس تخصص.
وقال المحضر إن المجلس يوصي بـ"تحويل إحدى درجات استاذ مساعد - تخصص مياه/ هيدروليك إلى درجة مدرس تخصص مياه"، مبرراً ذلك بـ"حاجة القسم الماسة للكادر في هذا التخصص". لكن في الحقيقة تحويل الدرجة الوظيفية لا علاقة لها بالاحتياج الأكاديمي، وجاء فقط لتكون الوظيفة على مقاس "خالد علي شرف الدين" نجل نائب رئيس الجمعة للشؤون الأكاديمية، والذي أوصى المحضر بـ"استكمال إجراءات تعيينه بدرجة مدرس - تخصص مياه، ومقابل تعيين نجل شرف الدين رفع عميد كلية الهندسة، كشفاً بالمعيدين المطلوب توظيفهم في الكلية لنائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، من ضمنهم أحد أقاربه، والذين سبق ورفضت اللجنة الأكاديمية ترشيحها قبل مقتل رئيسها الدكتور "محمد نعيم" في ظروف غامضة في شهر اغطس 2021 بصنعاء.
ومن ضمن الوثائق، القرار رقم 44 لسنة 20121 لرئيس الجامعة جامعة عمران، قضى بتعيين "خديجة علي منصور كامل، بدرجة معيد بقسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة، ومنحها راتب 84 ألف ريال شهريا"، حسب ما ورد في القرار الذي استند في حيثياته على قرار موافقة مجلس الكلية والقسم على قرار التعيين.
وبالرجوع إلى محضر مجلس القسم وتوصية اللجنة الاكاديمية، يظهر توصية بتعيين أربعة معيدين حاصلين على نتائج عالية في المفاضلة، ولم يوافق على تعيين "خديجة كامل" كمعيدة والتي تم رفع اسمها من قبل العميد "محمد مسعود" لنائب رئيس الجامعة علي شرف الدين لتمرير توظيفها، وفقا لقاعدة "مشي ابني نمشي ابنك" في مذكرة لرئيس جامعة عمران موجهة بتاريخ أكتوبر الفائت، وجه فيها مدير الشؤون القانونية، بأنه تم تعيين "منيف ناصر علي الحراسي"، بدرجة معيد في قسم الحاسوب بكلية الهندسة، وقال خالد الحوالي إن قرار التعيين "جاء بناء على نتيجة المفاضلة وموافقة مجالس القسم والكلية واللجنة الاكاديمية ومجلس الجامعة"، لكن إفادة اللجنة الاكاديمية تقول خلاف ذلك "المذكور حاصل على درجة بكالوريوس تخصص كهرباء (حاسبات وتحكم) عام 2020، وهو المتقدم الوحيد للوظيفة"، وأوصى مجلس القسم واللجنة الأكاديمية بإعادة الإعلان وعدم التوظيف، مؤكدان أن "تخصص المذكور بكالوريوس كهرباء (حاسبات وتحكم) والتخصص المعلن علوم حاسوب". منيف الحراسي جاء تعيينه بعد نحو عام فقط على تعيين شقيقه "محمد ناصر علي الحراسي" بدرجة معيد في قسم علوم الحاسوب، وفقا لمحضر اللجنة الأكاديمية في مارس ٢٠٢١ والمذيل بتوقيع كل من: موسى الحداد ونظمي المخلافي عضوا اللجنة ورئيسها المغدور به في اغسطس الدكتور محمد نعيم.
ويبقى السؤال، ما هي مخرجات عملية تعليمية في مؤسسة جامعية، يستند التعيين فيها على التزوير والكذب، وتتم المفاضلة فيها بين المتقدمين حسب الألقاب والعائلات، بغض النظر عن تخصص ودرجة ومستوى المعينين الذين يمنحون مرتبات فورا، فيما الأكاديميون محرومون حتى من المساعدات الغذائية؟