أهم الأخبار

المجتمع يحشد طاقته لمواجهة قسوة الطبيعة.. مبادرات شبابية ترصف طرقاً في شرعب الرونة

2023-02-09 الساعة 04:50م (يمن سكاي - )

على امتداد السنين، كانت وما تزال وعورة الطرق في منطقة "الإشراف" بشرعب الرونة، سببا رئيسيا ومباشرا لجعلها منطقة معزولة عن أبسط الخدمات التي تقدمها الدولة ومنظمات المجتمع المدني للمديرية.

 

استطاع جروب "واتس أب" تعاوني في منطقة "الإشراف"، بمديرية شرعب الرونة، حشد أفراد المجتمع الريفي لرصف طرقات واسعة وإعادة تأهيلها من جديد، من خلال عمل مجتمعي يهدف للتخلص من مشكلة أثّرت سلباً على حياة الناس لعقود طويلة.

 

"عفيف الشرعبي" واحد من أبناء المناطق المستفيدة، يقول "نحنا نعمل من منطلق تعاوني طوعي لأننا كنا نعاني من وعورة الطريق وضيقها وعدم صلاحيتها لوصول الخدمات إلى المنطقة وهذا أثر كثيرا على مصالح المواطنين".

 

يوضح عفيف: "لو تلاقت سيارتين بنص الطلعة تتغلق الطريق ويكون من الصعب العودة صعودا أو هبوطا ما تسبب في كثير من حوادث السيارات والدراجات النارية كذلك".

 

"عبد الله حميد" تربوي من أبناء المنطقة يبين آلية الحل الذي اتبعه المجتمع المحلي في المنطقة بالقول: "في 24 اغسطس 2018 قام مجموعة من أبناء المنطقة بعمل جروب يضم كافة أبناء "بني سلمان" و"الإشراف"، لمناقشة المشكلة وأسبابها والخروج بالحلول المجتمعية الممكنة".

 

يضيف "تم الاتفاق على أن يعمل المغتربون من أبناء المناطق المتأثرة بالمشكلة وكذا المقتدرون مالياً من المقيمين على توفير التمويل وتوجيه المواطنين للعمل كل بقدر تفرغه إلى جانب الاستفادة من الخبرات المتوفرة من المهندسين المتقاعدين والمحاسبين في رسم الخطط الفنية والإدارية والمالية".

 

استمرت المناقشات نحو عامين ليبدأ تنفيذ المرحلة الأولى العام 2020،

كان عرض الطريق في "عقبة قطوة- الخبت" لا يتجاوز الـ 3 أمتار ما تسبب في اختناقات كثيرة فبدأ الأمر من رصف وتوسعة هذا المنحدر الخطر بمساحة 1124 مترا ليصبح بعرض 6 أمتار أي ضعف عرض الطريق في السابق ما يسمح بمرور سيارتين في الاتجاهين المتعاكسين في نفس الوقت ما مثل حلاً لمشكلة ظلت لعقود مستعصية". يقول "عصام صالح" أحد منسقي العمل هناك.

عمل الجميع كل وفق خبراته وما يسمح من وقته في اقتطاع الأحجار من الحرفيين ونقلها والمواد الأخرى كالإسمنت والرمل بالسيارات الخاصة لبعض آخر وعمل معلمو البناء في الرصف، وهكذا دوليك حسب إفادة متطوعين شاركوا في أعمال توسعة الطريق.

 

ضمان الاستدامة كان حاضراً في التخطيط والتنفيذ يقول مواطنون حيث تمت عمليات الشق والتوسعة باستخدام المسح والدك والرصف بالحجر والإسمنت، كما تم بناء جدران ساندة للمحافظة على تأمين حماية استمرارية صلاحية الطريق في مواجهة السيول الجارفة التي تصيب المنطقة خلال الصيف.

يضيف عصام: "تم كل ذلك بتكلفة لا تزيد عن 7 ملايين ريال، فيما دراسة سابقة للصندوق الاجتماعي العام 2013، تضمنت تكلفة تتجاوز بالضعف أي ما يزيد عن 14 مليون ريال".

 

تنفيذ المبادرة

بحسب مواطنين مثلت عمليات توسعة وتعبيد الطريق حلاً حقيقياً لعدد متراكم من المشكلات.

يقول "توفيق فرحان" أحد سكان المنطقة ومن المساهمين في العمل: "كنا معزولين إلى حد كبير وكانت الولادة على سبيل المثال أحد الكوابيس التي تصيب العائلات حيث من الصعب أن تجد سائق سيارة يوافق على عبور ذلك الطريق الوعر الخطر لنقل امرأة إلى المشفى، الآن حُلت هذه المشكلة وغيرها كنقل المرضى وإيصال السلع والخدمات".

من جانب آخر يوضح "عبد الله حميد" مسؤول مالي في صندوق أعمال الطريق بالقول: " كان التفاعل إيجابيا من حيث التمويل من قبل المغتربين والأهالي القادرين لأن هناك همٌ مشترك يجمع الجميع ذلك أن الكل قد عانى من وضع الطريق".

 

دوافع استمراية العمل

 

لم تتوقف جهود الشباب الذين يعملون بشكل طوعي، فقد شجع إنجاز المرحلة الأولى على الاستمرار من أجل توسعة الحل ليشمل عدداً من القرى والمناطق الأخرى المتصلة بذات الطريق.

 

مثلت المرحلة الثانية إنجاز طريق "الرهيشة" خلال الفترة بين نوفمبر 2022 ويناير 2023 ليتجه العمل بعدها نحو إنجاز طريق "عقبة عبد الله علي" التي تعد أحد المنحدرات الخطرة إيضا.

 

يقول "إبراهيم شفيق"، أحد أبناء المنطقة، يعيش في مكان آخر، ويعود إلى المنطقة بين وقت وآخر: "كنت لما أروح البلاد أوقف سيارتي على الطريق العام، وأواصل نحو البيت مشيا على الأقدام صعوداً عبر الجبال".

 

نموذج لافت

خلال المرحلة الثانية وتحديدا في طلعة "الرهيشية" بوادي الرعاء تم توسعة ورصف (500 متر مربع)، بتكلفة إجمالية بلغت، مليون وثلاثمائة ألف ريال، فيما كانت ستبلغ في الحد الأدنى لإنجاز هذا العمل، أحد عشر مليون ريال" حسب تقديرات المهندس صادق المنصوري.

 

الذي يوضح بالقول: "لو قدم هذا المشروع كمناقصة، سيكون أقل سعر يُقدم للتنفيذ، عشرة مليون وتسع مائة وستة وعشرون ألف ريال، أي بما يعادل 19,546.9 دولار، وهي أقل تكلفة تقديرية".

 

عبد الملك الشرعبي - سائق سيارة وأحد المواطنين المستفيدين يقول: "لا يمكنني المقارنة بين ما كانت عليه طريق عزلة الإشراف وبين ما أصبحت عليه لم تكن طريقا سالكا، بل أشبه بالمدرجات الزراعية على طول الجبل".

 

 

حافز إيجابي ملهم

 

شكلت هذه التجربة إلهاما لمناطق أخرى في المديرية، كمبادرة رصف طريق "الجعافر"، وطريق "هيجة هذيل"، و"جبل الصلاحي"، التي تمت أيضا بذات الطريقة والعمل الطوعي.

 

وبحسب مستفيدين في المنطقة فقد أنجز هذا العمل حتى إعداد هذا التقرير 70% من معالجة الاحتياج، فيما لا يزالون مستمرين في إنجاز باقي المراحل، سعيا إلى إنهاء معاناة الأهالي من الطرق الوعرة، التي كلفتهم الكثير من الخسائر على مر السنين.

كانت الحلول البديلة تقتضي الانتظار مسافة مؤلمة من الخسائر الأخرى كانتظار وصول مشاريع الدولة الخدمية إلى المنطقة وهو ما يعني عقودا أخرى في ظل ما تمر به البلد من حروب وصراعات.

*تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص