2024-04-27 الساعة 04:50م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
في 15 رمضان الماضي، شكّلت الوفاة الصادمة للخبير التربوي صبري الحكيمي، في سجون الحوثيين _بعد ستة أشهر من اختطافه وتغييبه في سجون ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين_ خبراً أليما ومحزناً للرأي العام اليمني بمختلف أطيافه، وأحدث ضجة عارمة تندد بوحشية الجماعة واستمرارها في نهج الاختطاف والتعذيب الذي دأبت عليه منذ اجتياحها العاصمة صنعاء في 2014.
وفتحت وفاة الحكيمي جرحا غائرا لدى مئات الأسر اليمنية التي فقدت أبناءها بطريقة مماثلة على يد الحوثيين.. في هذا التقرير يعود المصدر أونلاين لتقصي بعضاً من الحالات المماثلة.
نموذجان
كأي شاب حديث الزواج، كان وليد علي قاسم الإبّي (26 عاماً)، يعيش أجمل أيام حياته مع زوجته في العاصمة صنعاء.
مساء يوم الـ12 من نوفمبر 2016، كان وليد عائداً برفقة زوجته إلى منزلهما، فجأة ودون سابق إنذار، عند وصولهما باب المنزل، اعترضهما مسلحون يتبعون مليشيا الحوثي. أقدموا على اختطاف وليد، واقتياده إلى جهة مجهولة، بلا أي سبب، وسط ذهول وبكاء زوجته.
من لحظتها، حاولت عائلة وليد، البحث عنه، ومعرفة مصيره بشتى الطرق والوسائل ولكن دون جدوى.
بعد ثلاثة أيام، وتحديداً في 15 نوفمبر 2016، فوجئت العائلة بخبر من قبل الحوثيين يفيد بأن وليد انتحر داخل سجن البحث الجنائي بأمانة العاصمة بإطلاق النار على نفسه. وطُلب منهم الذهاب لاستلام جثته من ثلاجة مستشفى الكويت.
رفضت العائلة رواية الحوثيين، وأصرّت على فحص جثة وليد، من قبل الطبيب الشرعي لمعرفة السبب الحقيقي لوفاته.
وبالفعل، أثبت التقرير الطبي وجود آثار تعذيب وحشيّ بأنحاء جسد وليد. امتدت الجروح والكدمات من رأسه إلى أخمص قدميه، ما يؤكّد تعرضه لتعذيب شديد قبل وفاته.
أظهرت الأدلة أن وليد، تعرض لعنف خارجي من قبل الحوثيين باستخدام أداة صلبة ونحوها من أشكال المعاملة القاسية، التي أدت في النهاية إلى وفاته.
حمدي عبدالرزاق الخولاني (34 عاماً)، من شباب مدينة إب القديمة، كان يعمل على دراجة نارية لإعالة أسرته بعيداً عن السياسة ونقاشات الشأن العام، إلا أن فساد مليشيا الحوثي وعنصريتها تجاوز كل الحدود، وطالت المجتمع بأسره.
منذ يوليو 2022، بدأ الشاب حمدي، الشهير بـ"المكحل"، بنشر مقاطع فيديو على الإنترنت يظهر فيها بعفوية من غرفته المتواضعة وينتقد فيها الفساد الحوثي، وهو ما أزعج قادة الجماعة ومشرفيها الذين شنّوا حملات ترهيب وملاحقة واسعة ضدّه، خاصة ممن ينتمون الى أسر "هاشمية".
في 8 مارس 2023، قام الحوثيون باختطاف حمدي، وأقدموا على تعذيبه وتصفيته داخل السجن. وحاولوا إخفاء حقيقة وفاته بتقديم روايات متضاربة زعمت أنه "انتحر" أو "مات أثناء محاولته الهرب".
هذه الجريمة أثارت سخط اليمنيين بشكل غير مسبوق، وتحوّلت جنازة "المكحل" إلى انتفاضة شعبية شارك في آلاف اليمنيين، رجالاً ونساءً، مرددين هتافات ضد الحوثيين وتطالب عناصرهم بالرحيل من المحافظة.
كان هذا الرد مفزعاً للحوثيين الذين لجأوا لنشر مسلحيهم في المدينة، وفرض قيود شديدة على حركة السكان لـ10 أيام. تزامناً مع حملات اختطافات للشباب المتعاطفين مع "حمدي" الذي بات رمزًا للثورة المجتمعية ضد الظلم والفساد.
قصتا الشابين "وليد وحمدي" ليستا سوى حلقتين ضمن مسلسل الموت في سجون مليشيا الحوثي التي بدأت بحصد أرواح اليمنيين منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء أواخر العام ٢٠١٤، مع وجود ممارسات مماثلة للجماعة منذ نشأتها في العام ٢٠٠٤ ومع كل توسع جغرافي كانت تقوم به، تجلب معها صنوف الانتهاكات في كل قرية أو مدينة.
فطوال السنوات الـ9 الماضية تزايدت أعداد السجون الحوثية وباتت أشبه بمسالخ بشرية. فسواء كنت شابًا أو مسنًا، عسكريًا أو مدنيًا، معارضًا أو مستقلًا، مسلحًا أو أعزلًا، بريئًا أو متهمًا، مسافرًا أو مقيمًا، في كل الأحوال أنت عرضة للاختطاف والهلاك الشنيع بأحد هذه السجون الرهيبة؛ ما لم تكن من أتباع الجماعة المخلصين.
يرصد "محرر التقرير" في هذه المادة 130 أسماً، ل 130 مواطناً يمنياً قتلوا/توفوا تحت التعذيب الوحشيّ داخل سجون الحوثيين منذ العام ٢٠١٥ وحتى أبريل الجاري (٢٠٢٤). والتي راح ضحيّتها مدنيين وعسكريين من مختلف المحافظات اليمنية.
لا يشمل التقرير كل حالات الوفاة جراء التعذيب في سجون الحوثيين، والتي لا يوجد إحصائية دقيقة لها حتى الآن. في حين تقول الحكومة إنها رصدت "أكثر من 350 جريمة قتل تحت التعذيب في معتقلات مليشيا الحوثي".
ويبلغ عدد من اختطفتهم جماعة الحوثي من منازلهم او الطرقات والأحياء نحو ٢٧ الف يمني ويمنية من المدنيين، او عسكريين سابقين لم ينخرطوا في جبهات القتال، وفقا لاحصاءات صادرة عن وزارة داخلية الجماعة في وقت سابق هذا العام.
كما لا يشمل حالات القتل الجماعي للمختطفين باتخاذهم دروعاً بشرية في أماكن عسكرية معرضة للقصف أو نحو ذلك من الجرائم المروّعة.
يستند التقرير بالأساس في تتبع هذه الحالات من المصادر المفتوحة، وبشكل رئيسي إلى تغطيات "المصدر أونلاين" لهذه الجرائم أثناء حدوثها طيلة الفترة المذكورة، إضافة إلى ما وثَّقته تحقيقات منظمات حقوق الإنسان ومنها: اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، ورابطة أمهات المختطفين، ومنظمة سام للحقوق والحريات، ومنظمة رايتس رادار، وتحالف رصد، وغيرها.
ويظهر من خلال المعلومات أن معظم الضحايا فارقوا الحياة داخل السجون الحوثية تحت التعذيب أو في المستشفيات بعد إسعافهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، فيما سجّلت بعض حالات الوفاة لمختطفين حدثت بعد فترة قصيرة من الإفراج عنهم وهم في حالة صحيّة حرجة.
وفيما يلي ينشر "المصدر أونلاين" (صور، ملف بي دي إف) أسماء وتفاصيل 130 حالة وفاة بفعل التعذيب في السجون الحوثية حتى ابريل الجاري:
المعذبون حتى الموت 130 اسما لبعض ممن قُتلوا تحت التعذيب في سجون الحوثيين