2016-06-17 الساعة 04:51م
الأزمة التي طالت جماعة الإخوان المسلمين في مصر وقسمتهم إلى تيارين، والأزمة التي طالت الحركة بالأردن، كلاهما كان نتاج الفشل القيادي في إدارة المشهد السياسي الخارجي والحركي الداخلي، وإنما برزت على السطح لثلاثة عوامل رئيسية ساعدت في إنضاج هذه الظاهرة، القابلة للتكرار في أقطارٍ أخرى، وأولّها:
الأزمة القيادية في الحركة الإسلامية منذ تأسيسها والتي تكلم عنها مفكرون كبار أمثال الدكتور عبدالله النفيسي، والدكتور محمد المختار الشنقيطي، والدكتور جاسم سلطان وغيرهم كثير، والتي أهملت الترشيح القيادي من أتباع الحركة وفروعها، وجعلت الحق القيادي مكفولٌ للأقدمية والتاريخ النضالي على حساب الكفاءة العملية والتخصصية، وهو ما جعل منصب القيادة جامداً لا يواكب الحدث، فضلاً عن أن يصنعه، إن لم يكن أسيراً لردّات الفعل، وأداةً لتنفيذ مخططات الآخرين بمعارك استنزاف يقحمون الحركة فيها ويساندهم في هذا الجمود وغياب الرؤية، ويمكن مراجعة ذلك بالتفصيل في مواضعه ومراجعات الفكر الإسلامي الحركي.
وثانيها: الفشل الحالي في إدارة الصراع والمشهد، ويظهر هذا جلياً، بعد الانقلاب العسكري في مصر والتعامل معه، إذ كانت تلك الأصوات كامنة، فبرزت بعد الفشل، وهذه حقيقة إذ أن المهزوم في العادة هو من يعود باللوم على أنصاره وعلى بعضه البعض، ( فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون)، وهو الذي يبدأ يفتّش عن مصادر الخلل، ولماذا وقع الانقلاب وأين كنّا، وكيف السبيل إلى إسقاطه إلى غير ذلك....
وثالثها: شباب الربيع العربي، الذي عاصر الثورات، وتجارب الحركات الإسلامية معها، والثورات المضادة، وكان سبّاقاً إلى النزول للشوارع قبل القيادات والحركات والمجموعات المنظّمة، بل ونجح في إسقاط عروش وتغيير أنظمة لم تفلح في إسقاطها النخب التقليدية من الحركات وغيرها، وساعدهم في هذا امتلاكهم لكل وسائل التغيير الحديثة من وسائل التواصل والانترنيت في زيادة الوهج الثوري والتمرّد على المألوف واعتياد قولة ( لا )، واستنشاق نسائم الحرية في بلدات العالم الإسلامي ..
ومثل هذا سيغريهم بتكرار التجربة إن وجدوا في الحركات تصلب وجمود في التعاطي مع الأحداث، وهو ما حدث فعلا وأنتج الخلاف في الظاهرة الإخوانية المصرية على سبيل المثال..
إن الثورات لم تطل الأنظمة السياسية الحاكمة فحسب، بل طالت أيضاً الحركات الإسلامية بشكل ظاهر أو كامن ينتظر اكتمال النضوج فقط، ثم البروز للسطح بأيّ شكلٍ كان، على هيئة خلاف أو تمرّد، أو مطالبات بتغيير وتنحي، وغيرها...
ثم إن العوامل الثلاثة وزيادة متوفرة في الحالة اليمنية للتجمع اليمني للإصلاح، ما يعني بضرورة مبادرة القيادة للإصلاح الوقائي قبل العمليات الجراحية، وذلك بتغيير السياسات والقيادات واللوائح والمنهجيات وإشراك الفئات الشبابية الصاعدة، والاقتراب منها، وأخذ آراؤها قبل أن تخرج عن الطوق تشق طريقاً بنفسها!
فالعامل الأول والثالث واضحان بلا شرح، وأما الثاني، فقد برزت أصواتٌ قوية تنادي بالتغيير الجذري للقيادات والسياسات إبّان سقوط عمران، وقبل وبعد سقوط صنعاء، ولا ينكر هذا إلا جاحد لم يحتك بالفئات القيادية الميدانية أو السياسية.... وهذه طبيعة الهزيمة كما تقدّم المتمثلة في انقلاب الحوثيين والمخلوع على العاصمة والتنكيل بخصومهم من الإصلاح خصوصاً.... ولكن لما تحولّت هذه الهزيمة إلى نصر جزئياً وتوازن قوى بعد تدخل قوات تحالف عاصفة الحزم، تَنّفَسَ الصُّعَداء، واختفت هذه الأصوات تماماً لكنها ظلت كامنة على جمر تنتظر صب الزيت على النار بهزيمة أخرى!
حتماً ستعود هذه الأصوات، إن استيقظ حاملوها ورأوا قياداتٍ مهجّرة، أو ارتقت إلى ربها شهيدة، ووحدات هيكلية مفككة ومشتتة، وانقلاب يُمارس شرعنته دولياً، وخذلان من الأصدقاء قبل الأعداء، وتصفيات ممنهجة تُطال أفراده بلا رؤية واضحة تحفظ مستقبل أفراد الحزب على الأقل ما بعد الانقلاب أو أثناءه!
فيا قيادة الإصلاح الموقرة:
قوموا بالإصلاح الوقائي قبل أن ينالكم ما نال بإخوانكم، مع توافر العوامل نفسها وأكثر..
افتحوا قلوبكم لفئة الشباب، واستمعوا آراؤهم، وانتقاداتهم، مهما كانت، وشكلوا لجان تخطيط ودراسات للتغيير الجذري، وأشركوهم في التغيير وصناعة القرار... وتقبلوا نصح الناصحين للحركات الإسلامية في الأقطار..
فئة الشباب هي رأس مالكم، وأي تفريط فيها، تفريط في الإصلاح ذاته.. ودفع مضاعف للثمن لاحقاً..
والسلام