أهم الأخبار
د. نصار جابري

د. نصار جابري

اليمن بين مشروعين

2016-08-03 الساعة 12:07ص

يدور الصراع السياسي في بلداننا بين عاملين أساسيين؛ عامل داخلي، وعامل خارجي وتحدد نتيجة الصراع بين هذين العاملين مستقبل الحكم في اليمن.

العامل الداخلي:

ويتلخص فيه الصراع بين فكرتين او بين مشروعين كبيرين:

١) الفكرة الأولى للحكم:

وتعتنقها نسبة مقدرة من أبناء شعبنا وتستند هذه الفئة إلى أن الحكم حق حصري لهم ولا يحق أن ينازعهم فيه منازع ومن يتجرأ على معارضة ذلك قولا أو فعلا أو إشارة فإن مصيره الذبح ومصير منطقته الدمار.

يعتمد معظم الذين يعتقدون بهذه الفكرة على الولاء الخاص أو على انتماءاتهم الخاصة المتمثلة بالمذهبية أو المناطقية أو القبلية أو الأسرية أو العرقية أو الحزبية.

تعتقد هذه الفئة من أبناء شعبنا أن مصلحتها تكمن ليس في الانتخابات والديمقراطية والشفافية والعدالة والمساواة كما ورد في مخرجات الحوار الوطني بل في استمرار سيطرة منظومة الظلم والفساد والاستبداد بل تعتقد أن هويتها التاريخية وشخصيتها الاعتبارية مرتبطة ببقاء هذه المنظومة.

يعتبر الحكم الإمامي أو العائلي أو الحكم الحزبي الشمولي مثالا لهذه الفكرة.

ولذلك ترفض هذه النسبة رفضا قاطعا فكرة الأقاليم.

تمثل صنعاء مركزا لهذه الفكرة (وربما عدن الى حد ما).

٢) الفكرة/النظرية الثانية للحكم، أو المشروع الثاني للحكم:

ويكاد يعتنق هذه الفكرة الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني.

تستند هذه الفكرة إلى أن الحكم هو حق حصري لكافة أفراد الشعب وليس محصورا بشخص أو أسرة أو سلالة أو منطقة أو قبيلة أو حزب أو جماعة.

يقوم الولاء عند هذه النسبة الكبيرة من الشعب على الولاء للوطن كله وليس لمكون جزئي أو مكان خاص، كما يستند الولاء عندها إلى الانتماء للأمة جميعها وليس لفئة خاصة.

تعتقد هذه النسبة التي تمثل الأغلبية أن مصلحتها تكمن في بقاء الحكم الجمهوري وأن الديمقراطية أو الانتخابات هي السبيل الوحيد للحفاظ على مصالحها وهويتها وترى في فكرة الاقاليم كما ورد في مخرجات الحوار الوطني نوعا من العدالة والمساواة ووسيلة للاستقرار والتنمية.. كما تعتقد هذه النسبة أن أكبر خطر يتهددها ويتهدد مستقبل أبنائها هو استمرار سيطرة منظومة الظلم والفساد والاستبداد.

لدى كثير من أفراد هذه النسبة قناعة تامة واستعداد تام للدفاع عن هذا المشروع مهما كانت التضحيات.

العامل الثاني: خارجي. وفيه:

يعتقد الغرب -وفي مقدمتهم امريكا وبريطانيا والمانيا وروسيا والى حد ما فرنسا- وايران وإسرائيل وبعض الأنظمة العربية أن مصلحتها تكمن في دعم أنظمة الحكم التي تعتمد على المناطقية والمذهبية والسلالية والفاسدة والمستبدة.. وتخشى تلك الدول من أن يتولى الحكم في بلداننا تلك الأحزاب أو مراكز القوى التي تدعو إلى الإجماع الوطني أو تلك التي تسعى إلى تطبيق النموذج الديمقراطي في الحكم.

وهنا تكمن مشكلتنا الأخرى مع الغرب وهي أن من يتبنى مشاريع الإجماع الوطني والمسار الديمقراطي في أوطاننا هي المكونات الشعبية وفي مقدمتها التيار الإسلامي المعتدل جنبا إلى جنب مع بعض من تبقى من القوى الاشتراكية والقومية التي انحسر مدها مع نهاية القرن العشرين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص