2017-04-18 الساعة 05:35م
الباسيج ميليشيا عقائدية وقوات عسكرية غير نظامية، يشبه عملها عمل العصابات ومهمتها الاساسية التدخل لقمع أي تحرك معاد للنظام في حال اندلاع ثورات او احتجاجات يقف وراءها مدنيون. ولذلك فالباسيج" هي واحدة من أخلص الميليشيات المسلحة في الدولة الشيعية لنظام ولاية الفقيه، وخط الدفاع الأول عن حكومة الملالي في ايران. وكثيرا ما اتهموا بممارسة الوحشية المفرطة ضد معارضيهم والقسوة العنيفة ضد مخالفيهم. ففي أعقاب الانتخابات الايرانية المشكوك في نزاهتها وصحة نتائجها عام 2009م برزت قوات الحشد الشعبي (الباسيج) على الواجهة عندما اسندت اليها القيادة الايرانية مهمة سحق المظاهرات السلمية والاحتجاجات الشعبية للمعارضة والتي اشتهرت حينها باسم "الثورة الخضراء". على مدى السنوات العشرين الماضية، استخدمت الدولة الإيرانية التعبئة الفكرية او التدريب العقائدي و السياسي وسيلة لإعادة تشكيل وصياغة الباسيج كقوة أمنية ضاربة مناط بها مواجهة الاضطرابات الداخلية والثورات الشعبية المناهضة للنظام. فهم يقومون بالأعمال القذرة نيابة عن الحرس الثوري، حيث يتم يتمّ إرسالهم لاعتقال وقمع الأحزاب والإغارة على الجامعات، والمدارس, ومساكن الطلاب، والشركات والمؤسسات والمساجد والتجمعات المختلفة في القرى والمدن.
ونظرا لتزايد دور الباسيج في المجتمع الإيراني, ليس فقط كأداة لقمع الاضطرابات الداخلية والثورات الشعبية، بل كواحدة من أهم المكونات العسكرية والشعبية المنخرطة في السجالات السياسية والفكرية الداخلية فضلا عن تطلعاتهم الإقليمية.
ونظرا لكون اللجان الشعبية للحوثيين عبارة عن نسخة طبق الأصل لقوات الباسيج في ايران, وقوات الحشد الشعبي في العراق, وقوات الدفاع الوطني في سوريا, أصبح معرفة الباسيج وكيفية عملها أمرا في غاية الأهمية . خاصة بعد قيام الحوثيون بتفعيل قانون الطوارئ في المناطق التي يسيطرون عليها.
سيتم من خلال هذه السلسلة التي تعتبر الأولى من نوعها, القاء الضوء على مناهج التعبئة الفكرية وبرامج التدريب العقائدي والتربوي والسياسي لقوات الحشد الشعبي الايراني (الباسيج) ومراحل تطورها.
النشأة والتطور:
the organization for the mobilization of the oppression تم تأسيس حركة تعبئة المستضعفين (الباسيج)
تم تشكيل قوات الباسيج بناء على أوامر من قبل آية الله روح الله الخميني في نوفمبر 1979م وذلك لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية المتزايدة التي تواجهها الدولة الايرانية الوليدة. عام 1989م وبعد أقل من عام على اندلاع الحرب العراقية الايرانية, أصبحت الباسيج وحدة من وحدات الحرس الثوري الايراني. بل واصبحت أهم وحدة لحشد وتجنيد المتطوعين ونشرهم على جبهات القتال الأمامية. خلال الفترة من 1990-1991م غيرت الباسيج اسمها الى قوات المقاومة الشعبية بناء على توجيهات المرشد الأعلى الجديد آية الله علي خامنئي, وأصبحت احد الاذرع الخمسة لقوات الحرس الثوري الايراني الذي يتكون من القوات البرية والجوية والبحرية وفيلق القدس اضافة الى قوات الباسيج. عام 2009م تم استعادة التسمية السابقة لقوات الباسيج "منظمة تعبئة المضطهدين", واصبح الجنرال محمد رضا نقدي القائد العام لها. تطلب تغيير التسمية تغيير المهمة, حيث لم تعد قوات تعبئة المستضعفين الباسيج الذراع الخامس لقوات الحرس الثوري الايراني, بل أصبحت قوات خاصة ذات مهام محددة وهي مكافحة التهديدات الأمنية و السياسية والثقافية التي يواجهها النظام في الداخل. وللباسيج جناح نسائي يسمى "أخوات الباسيج" أسسته مرضية دباغ الحارسة الشخصية للامام الخميني ومهمته قمع المظاهرات والاحتجاجات النسائية المناهضة للسلطة.
وفقا للمادة 36 من دستورها, أصبحت مهمة تدريب المواطنين المتطوعين من اجل الدفاع عن البلاد وعن نظام الجمهورية الايرانية احدى اهم مسئوليات الباسيج. ولذلك ومنذ أيامها الأولى أصبح التدريب العقائدي والسياسي اضافة الى التدريب العسكري والقتالي من أهم وسائل مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية للنظام. بالرغم من ان أول برنامج للتدريب العقائدي والسياسي قد تم تصميمه عام 1985م, الا ان الاحتياج اليه لم يكن ملحا خلال العقد الأول من عمر الثورة. بسبب الحرب العراقية الايرانية (1980-1988م) و قوة المعتقدات الدينية والزخم الثوري الشعبي لم يكن هناك حاجة الى مثل هذه البرامج التربوية. حيث لعبت قوات الباسيج آنذاك دورًا كبيرًا خلال الحرب التي دامت 8 سنوات وأشتهر أفرادها التي كان معظمها من الأطفال بموجاتهم البشرية التي كانت تجتاح حقول الألغام لفتح الطريق أمام الدبابات، وكانوا يمرون عبر حقول الألغام بالمفاتيح المعدنية كرمز لدخول الشهيد إلى الجنة، كما عُرفوا بأسلوبهم الخاص في الهجمات الانتحارية. شهد نهاية الحرب تحولا كبيرا في مهمة قوات الباسيج, حيث تحولت الى ما يشبه قوات الأمن الخاصة المسئولة عن مكافحة الشغب و حماية الأمن الداخلي للنظام وقمع المظاهرات و الثورات الشعبية. عند هذه المرحلة أصبحت برامج التعبئة الفكرية و التدريب التربوي لقوات الباسيج عنصرا اساسيا من اجل تقوية وتعزيز المعتقدات الدينية والسياسية لافرادها. ومع مرور الوقت، أصبح العنصر الأيديولوجي للتدريب أكثر أهمية من العنصر العسكري. وفي نهاية المطاف, دخلت خطة التعبئة الفكرية الجديدة حيز التنفيذ في 7 أكتوبر 1994م. حيث تم ادراج برامج التدريب الايديولوجي والسياسي في كافة الهياكل التنظيمية لقوات الباسيج , ابتداء من المستويات الأساسية وانتهاء بالمستويات العليا ومرورا بالمستويات الوسطى.
في عام 1997، وبعدما صوت 73% من قوات الباسيج وقوات الحرس الثوري الايراني لصالح المرشح الإصلاحي للرئاسة محمد خاتمي, تم نقل جزءا كبيرا من مقررات الحوزات الدينية في مدينة "قم" الى برامج التعبئة العقائدية لقوات الباسيج. كما تم اضافة سلسلة جديدة ومكثفة من الدورات الى برامج التدريب التربوي لقوات الباسيج. كمواضيع الولاية والامامة في 1997م, والوعي في 1998م, والمعرفة في 2001م. وفيما بين عامي 2002 و2003م قامت قوات الباسيج بتطوير مناهج التدريب العقائدي والسياسي بشكل كامل , لم تمثل هذه البرامج ما نسبته 20% من برامج التدريب, بل اصبحت من ضمن المتطلبات الأساسية لأفرادها أثناء سنوات الخدمة الأساسية كما اصبحت شرطا ضروريا قبل اجراء اي ترقية لأعضائها. علاوة على ذلك اصبح تقديم بعض الدورات على مدار الأسبوع كتلك المتعلقة بمبدأ الالوهية والتوحيد, والنبوة, والأئمة, والتشيع والتاريخ الاسلامي. اضافة الى ذلك, تم توسيع برامج التدريب الثقافي والتربوي لتشمل أسر أفراد الباسيج وزوجاتهم وأبنائهم وبناتهم من أجل ضمان الاستيعاب الكامل لقيم النظام ومعتقداته، وإنشاء كتلة تصويت واسعة للباسيج و دعما للمرشحين المحافظين في الانتخابات المستقبلية.
بعد فترة وجيزة من انتصار محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2005، قام ممثل المرشد الأعلى (خامنئي) لدى الحرس الثوري الإيراني (المشرف) بمراجعة شاملة لبرامج التعبئة العقائدية والسياسية والتربوية داخل كلا من قوات الحرس الثوري وقوات الباسيج, ثم قام بوضع تصميم لبرامج جديدة دخلت حيز التنفيذ عام 2008م. شملت هذه المواضيع علم النفس العسكري وعلم الاجتماع العسكري والاعلام والرأي العام والحرب النفسية والمعلوماتية والاستخباراتية ..الخ.
وفقا لنائب مسئول التربية والتعليم في قوات الحرس الثوري, حدث تغييرا جذريا في فلسفة ونهج التعبئة التدريب, حيث تحول المفهوم من نهج "التدريب" الى النهج "التربوي".
وبعبارة أخرى، تحولت أولويات برنامج التوعية والتثقيف من برامج تدريب الى برامج تربية وتعليم في مختلف القضايا الأيديولوجية والسياسية. تحولت وحدة التدريب الى شعبة كاملة و جهاز متخصص للتربية والتعليم. وزادت اثر ذلك نسبة الوقت المخصص للتربية والتعليم من 20% الى 30% من الوقت المخصص لتدريب قوات الباسيج. كما اصبحت البرامج التربوية تنفذ على مدار العام بعد ان كانت تنفذ بشكل دوري في السابق.