أهم الأخبار

صراع دائم وورقة للمقايضة .. معادلة شاذة تريدها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الحديدة

2019-02-23 الساعة 06:17م (يمن سكاي - متابعات)

بلغ التعقيد في ملف اتفاق الحديدة ذروته مع استقالة رئيس الفريق الحكومي، في اللجنة المشتركة لإعادة الانتشار في مدينة الحديدة، اللواء صغير عزيز، لكن موفد الإعلام الحكومي نشر نفيا رسميا في محاولة لامتصاص الضجة التي ستحدثها استقالة رئيس الفريق، وتجاوز الضغط الدولي والسعودي.

مصادر مطلعة أكدت لـ “اليمن نت”، أن الفريق الحكومي بأكمله يستعد لتقديم استقالته، نتيجة الضغوط السعودية على الحكومة للقبول بخطة أممية يقترحها رئيس لجنة التنسيق “مايكل لوليسغارد”، تقضي بانسحاب القوات الحكومية قبل الاتفاق على السلطة المحلية والأمنية التي ستدير موانئ ومدينة الحديدة، لكن المصدر أشار أن الفريق حتى الآن يرفض إعلان الاستقالة نتيجة الضغوط الحكومية والسعودية.

البداية كانت منذ اليوم الثاني لوصول الجنرال الدنماركي “مايكل لوليسغارد” رئيس لجنة تنسيق إعادة الإنتشار RCC، الذي قفز سريعا، على اتفاق ستوكهولم وقدم مقترحا مغايرا لما قدمه رئيس اللجنة السابق “باتريك كاميرت”، الذي تعرض لهجمة شرسة من الحوثيين وصلت حد مهاجمة موكبه بالرصاص الحي، وتعرضه لتهديدات من حسابات وهمية تزعم الانتماء للقاعدة وداعش، بحسب ما أكده “كاميرت” في حوار مع صحيفة “الفولس كرانت” الهولندية.

إنحراف الهدف

كان الجنرال الهولندي “كاميرت” يطرح خطة تتضمن السلطة المحلية والأمنية وفق القانون اليمني، بحسب نص بنود اتفاق ستوكهولم، والقانون اليمني والدولي لا يعترف بسلطة الحوثيين، بل بسلطة الحكومة الشرعية التي يقودها الرئيس هادي، لكن كاميرت الذي أراد حلا جذريا للمشكلة والخلاف اقترح أن تكون السلطة هي القائمة قبل 2014 أي قبل الانقلاب باعتبارها سلطة محايدة لا تتبع أي طرف، لكن الحوثيين جن جنونهم وهاجموا الرجل واتهموه بخدمة أجندة السعودية والإمارات، ليجد الرجل نفسه أمام إرادة دولية ايضا يقودها المبعوث الأممي “مارتن غريفيث” الذي اختلف مع كاميرت أيضا، ليترك الرجل مهمته التي وصفها بـ “لسخيفة”.

جاء “لوليسغارد” القادم من مستنقعات صراع دائمة في العراق ومالي والصحراء الغربية، متناغما مع التوجه الدولي ورؤية غريفيث ورغبة الحوثيين، وطرح خطة تتضمن إنشاء ممرات آمنة ونشر قوات دولية وتنفيذ الإنسحاب قبل النقاش حول السلطة المحلية والقوة الأمنية وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية مشترطة التنفيذ الشامل الذي يشمل وضع السلطة المحلية والقوة الأمنية، بل إن الفريق الحكومي بات يهدد بالاستقالة في حال استمرت بعض الدول في الضغط على الحكومة القبول بذلك، فيما أعلن الحوثيون على لسان زعيمهم “عبدالملك الحوثي” موافقتهم على الخطة التي ستكرس وجودهم في الحديدة وتمنع العملية العسكرية بحسب مراقبين.

بل إن الجنرال الدنماركي ذهب إلى منتهى رغبة الحوثيين ليؤكد اعترافه بسلطة الجماعة في الحديدة، ويفسر أن السلطة المحلية وفق القانون اليمني واتفاق ستوكهولم، هي السلطة القائمة التابعة للجماعة، بحسب ما نقلت قناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين، ليعزز هذا التوجه قناعة اليمنيين بأن غريفيث اختار لوليسغارد بعناية فائقة لتنفيذ وتمرير التوجهات الدولية لإدامة الصراع في الحديدة، ومنع القضاء النهائي على الحوثيين، ليستمر التهديد على السعودية التي ستنفق المليارات لشراء أسلحة جديدة تحميها من الضربات الإيرانية غير المباشرة.

شذوذ سياسي !

وبالإضافة لكون الحديدة موردا ماليا مهما للحوثيين فإن موقعها الجغرافي المطل على أحد أهم طرق الملاحة في البحر الأحمر، يجعل من بقائها تحت نفوذ طهران تهديدا على التجارة يبرر المزيد من الوجود العسكري في البحر الأحمر، ورقما مهما في معادلة صراع مستمر وورقة مقايضة للمجتمع الدولي مع السعودية وإيران في ملفات أخرى، كالتطبيع العربي مع إسرائيل ومساعي تشكيل حلف دولي ضد إيران، ربما تموله الدول الخليجية بقيادة السعودية.

وأمام هذا الشذوذ السياسي نتيجة المصالح الدولية وتقاطعاتها، يجد اليمنيون أنفسهم أم أزمات إنسانية وتعقيدات تطيل أمد الحرب وتعمل على تدويل قضيتهم، ليتحول الصراع اليمني كالسوري تمسك بخيوط القرار فيه دول إقليمية وغربية، فيما يتم تعليق إرادة الحكومة الشرعية والحوثيين، ويصبح سكان البلاد ينتظرون الشكل السياسي المستورد لدولتهم من خارج حدودها، وينقسم اليمنيون بين صراع حتى الموت، أو الوقوف أمام ابواب المنظمات الدولية وانتظار فتات الإغاثة.

 
 
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص