أهم الأخبار

تحالف للكسب معًا أو صراع قادم حول النفوذ.. المؤتمر والانتقالي كيف سيمضيان خلف محافظ شبوة الجديد؟

2022-01-02 الساعة 06:02م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

أصبح عوض محمد العولقي محافظا لشبوة وفقاً لقرار جمهوري أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي السبت الماضي في قرار أنهى الجدل بين معسكري الحكومة المعترف بها دوليا من جهة والمعسكر التابع لحلفاء الإمارات حول المنصب في المحافظة النفطية جنوبي شرق البلاد.

 

وفي اليوم التالي للقرار بدأت قوات العمالقة بالتحرك صوب شبوة ضمن عملية عسكرية لتحرير المديريات الحدودية مع محافظة مأرب وبدأت هذه القوات منذ يومها الأول تحقيق تقدم عسكري في مقابل تراجع واضح لمليشات الحوثي، لكن تأجيل هذا الحسم يكشف عن دوافع اللاعبين الإقليميين في اليمن.

 

وتقلد العولقي وهو شخصية إجتماعية وقبلية بارزة وعضو في حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة شبوة ثالث كبرى محافظات البلاد منصبه خلفا لمحمد صالح بن عديو المحسوب على حزب الإصلاح والذي شغل منصب المحافظ منذ 3 أعوام في مسيرة قصيرة حظيت باهتمام الجميع فيما صنفت إدارته للمحافظة التي عرفت بالتصدع والإحتراب بالأفضل في تاريخ المحافظة خلال العقدين الماضيين.

 

ويمثل قرار إقالة بن عديو مكسباً كبيراً للمجلس الانتقالي الجنوبي يفوق نقطة تعيين العولقي خلفاً له، إذ نجح بن عديو في تقليم أظافر الإنتقالي في المحافظة.. وفي الواقع تعد الإطاحة ببن عديو خدمة كبيرة لأبو ظبي التي واجهت حرجاً كبيراً بعد مطالبة المحافظ السابق بخروجها من منشأة بالحاف لتصدير الغاز المسال.

 

وإذا كان المجلس الانتقالي يخدمه كثيراً إقالة بن عديو فإن متابعين يرون أن قرار تعيين عوض العولقي يفيد المؤتمر الشعبي العام بدرجة رئيسية ويعزز طموحه الرامي إلى إعادة نفوذ الحزب في المحافظة وهو ما يفتح سيناريوهات عدة للفترة القادمة مع حضور نسبي لقوى الحكومة الشرعية إضافة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي من المرجح أن يسعى مبكراً إلى تسجيل حضوره في المحافظة المهمة.

 

تعيين محافظ جديد لشبوة جديد.. كيف ولماذا؟

 

في المجال التنظيمي ينتمي عوض العولقي محافظ شبوة المعين حديثا إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، إذ مثل الحزب في انتخابات البرلمان عام 2003 عن العاصمة عتق ونصاب وحطيب، لكن لم تصدر عن الرجل أي مواقف واضحة خلال الأحداث السابقة التي كان فيها حزبه طرفاً رئيسياً في الصراع الدائر منذ العام 2015 عندما تحالف الرئيس السابق صالح مع الحوثيين مرورا بانفكاك تحالفهما ومقتله وصولاً إلى انقسام الحزب.

 

ومع حالة الإنقسام في صفوف الحزب إلى ثلاثة أجنحة أحدها خاضع للحوثيين وآخر يتبع الرئيس هادي فيما يتبع الجناح الأخير أولاد صالح والموالين له من الدائرة المقربة منه، بدأت تحركات برعاية إماراتية وتفهم سعودي على ما يبدو لإعادة تقوية الجناح الأخير في المجالين السياسي والعسكري على حد سواء.

 

خلال السنتين الماضيتين تنامت قوات طارق صالح "حراس الجمهورية" في مناطق الساحل الغربي رغم عدم اشتراكها بدرجة رئيسية في معارك تحرير تلك المناطق إلى جانب تجميع أفراد الألوية السابقة للحرس الجمهوري ودمجها في هذه الوحدات دون إغفال عملية التمكين الإجتماعي عبر تسكين ضباط وجنود هذه القوات ومنحهم منازل ومساكن فيها.

 

وليس ببعيد سعت قيادة القوات الإماراتية عبر قيادة قوات العمالقة إلى تهيئة الأرضية المناسبة لقوات حراس الجمهوية عبر غربلة بعض وحدات العمالقة وإخضاعها لقيادة الأخيرة، فيما كانت الثانية قد أطاحت بقياديين بارزين رفضا قرار الضم وهما عبد الرحمن اللحجي وعلي ناصر العوذلي.

 

وفي الشأن السياسي من الممكن قراءة تعيين محافظ عدن أحمد لملس منتصف العام 2020، ومحافظ شبوة عوض العولقي في سياق هذا التمكين، ومع إن الأول يقدم حاليا ضمن هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي إذ يشغل الأمين العام لكن التوافق عليه وقبول التحالف به ورفض مرشحين آخرين من المجلس إضافة إلى تقاربه مع القيادات المؤتمرية يسير في ذات الإتجاه، فضلاً عن نشاطه الذي يبدو نسبيًا وبشكل محدود في تمكين المؤتمريين في المكاتب التنفذيذية والخدمية في عدن.

 

وبالمقابل وعلى الرغم من عدم خروج تصريحات أو مواقف معينة من محافظ شبوة الجديد عوض العولقي فيما يخص سياسات حزب المؤتمر أثناء وبعد إنفراط التحالف مع الحوثيين وفيما يخص الحرب، لكن الرجل لم يصدر عنه بالمقابل أي إعلان أو إشارة تتضمن انسحابه من الحزب وهو ما يعيد التأكيد على اعتبار القرار ذي صبغة توافقية بين التحالف وبموافقة الرئاسة لإعادة الدفع بقادة المؤتمر في المحافظات المحررة.

 

وتكشف إقامة الرجل السابقة منذ العام 2006 في الإمارات إلى علاقة مباشرة لأبو ظبي بالقرار الذي كان أفرز تفاعلات داخل أوساط حزب المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي كما أن الأخيرين سينتفعان من القرار بدرجات متفاوتة فيما من المرجح أن يشعل هذا تنافسا بينهما لمن يعزز نفوذه بشكل أكبر مع إمكانية أن تشهد الساحة تراجعاً لنفوذ القوات التابعة للحكومة الشرعية.

 

ومع إقامته في الإمارات قرابة 16 عاماً وقدومه منها مؤخرًا إضافة إلى انتمائه السياسي لحزب المؤتمر الشعبي العام وقربه من المجلس الانتقالي الجنوبي يبدو من الواضح أن القوى التي تقف خلف المحافظ ستسعى إلى التمكين وهي التي كانت خارج المعادلة في المحافظة النفطية خلال العامين الماضيين، على أنه لا يمكن الجزم فيما إذا كان المحافظ سيتماهى مع هذه التحركات.

 

وهذه الخطوات من المرجح أن تضيف شبوة إلى مناطق نفوذ حلفاء الإمارات في ظل الدعم الإماراتي والتماهي السعودي إلى جانب ضعف الحضور الحكومي وغياب أي أدوات للرد مع تزايد الضغوط عليها في مأرب وفقدانها للقوة في محافظات إقليم عدن.

 

وفي الواقع تسير الأمور صوب مساعي لتمكين المحافظ عبر الدفع بحلفاء وثيقين له في المجال الأمني والعسكري لتعزيز قبضته على المحافظة وتقليم أظافر القوات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية، إذ كشفت مصادر خاصة لـ"المصدر أونلاين" أن هناك مساعي وضغوطات تمارس لإصدار قرارات تطيح بقادة القوات العسكرية والأمنية التي عملت في عهد المحافظ السابق والدفع بقيادات محسوبة على ذات الجهة التي دفعت بتعيين المحافظ الجديد.

 

وتضيف المصادر أن هذه القرارات ستعزز من فرص انتشار النخبة الشبوانية من جديد في المحافظة بعد أن تقلص نفوذها بعد خسارتها في المواجهات ضد القوات الحكومية في المحافظة ذاتها في أكتوبر من العام قبل الماضي 2020.

 

المؤتمر والمجلس الانتقالي.. تحالف لأجل إنجاح العولقي أم صراع للكسب من ورائه؟

 

يعد تعيين عوض العولقي من القرارات القليلة التي تجمع مصلحة حزب المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي معًا وهما الحليفان الرئيسان للإمارات العربية المتحدة في اليمن، لكن هذه المصلحة تتفاوت بشكل نسبي بين الفريقين.

 

فبينما يمثل تعيين العولقي من المنظور السياسي انتصاراً لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي له ويعيده إلى المحافظة التي كانت تدار بمحافظين موالين للرئيس السابق وصولاً إلى آخر محافظ من المؤتمر وهو أحمد لملس الذي تقلد منصبه بعد نهاية حرب 2015 قبل أن يُقال ويتقلد لاحقاً منصب الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

المؤتمر الشعبي العام سيسعى إلى استثمار فرصة تعيين محافظ من الحزب عبر تلقيه دفعه أخرى من الحليف الرئيسي الإمارات من خلال تعزيز سيطرته بواسطة الدفع بقيادات تابعة له في المجالين العسكري والأمني وإذا كانت الإمارات لا تملك القدرة بشكل مباشر للضغط على الحكومة في هذا الجانب فإن إقالة بن عديو كشفت ما يمكن وصفه بتوافق السعودية مع الإمارات حول تجربة حزب المؤتمر هذه المرة.

 

وموقف السعودية في إقالة بن عديو يتمثل في أنها تريد إغلاق ملف التوتر في شبوة بينما تعتقد أن هذا سيكون نقطة انطلاق نحو تنفيذ اتفاق الرياض في عدن وأبين، كما أن مطالب المحافظ السابق وتصاعد التوتر مع الجانب الإماراتي حول الخروج من بالحاف ضاعف الضغوط على السعودية، إذ كانت تخشى من أن يتسبب موضوع بالحاف في فتح جبهة نزاع جديدة، ويبدو أن البلدين الخليجيين يتفقان كثيراً على توزيع مناطق السيطرة بينهما دون حدوث اختلال.

 

وبما أن المؤتمر بات منقسماً إلى ثلاثة أجنحة فإن المحافظ الجديد يبدو أكثر قربا من جناح الرئيس السابق، إذ عمل الرجل في فترة وجود الرئيس السابق الذي حظي بدعم لافت من مؤتمريي محافظة شبوة فضلاً عن وقوف الإمارات بشكل أو بآخر خلف قرار تعيينه وهي التي تدعم الفصيلين السياسي والعسكري لبقايا منظومة الرئيس السابق.

 

وعلى هذا الأساس مع سيطرته على مدينة وميناء المخا وتمتعه بحضور رئيسي في الساحل الغربي للبلاد وهو منح الحزب نافذة مباشرة لتلقي الدعم الإماراتي عبر الميناء التي تمتلك هي الأخرى، ستمثل شبوة خطوة ثانية في طريق استعادة أبو ظبي حضورها الذي تراجع ثم خفت في عهد المحافظ السابق لكن مع اعتمادها على سياسة استخدام حلفائها بشكل مباشر ستعمل على إعادة إخضاع منافذ المدينة البرية والبحرية لحلفائها في المحافظة.

 

ومع عودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المحافظة وانتشارها مساء أمس السبت، إلى جانب وجود المحافظ الجديد وتراجع حضور القوى الحكومية بالتوازي مع استمرار الدعم الإماراتي بشكل مكثف؛ سيقدم هذا فرصة جيدة لتصاعد طموحات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يمتلك قاعدة شعبية جيدة في المحافظة.

 

وليس من الممكن تحديد نوع هذا الحضور المستقبلي لكن من المرجح أن يحظى الحزب بحضور في بعض المناصب العسكرية والأمنية إلى جانب إمكانية الدفع ببعض القوات الاكثر ولاءً للمحافظ، إضافة إلى تعزيز تواجد الموالين له في السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية.

 

وإذا كان قرار تعيين المحافظ العولقي قد جمع تحالف المؤتمر الشعبي والمجلس الانتقالي فإن الكيانين من المرجح أن يتنافسا للسيطرة والتحكم عسكرياً واقتصادياً في المحافظة من جهة، ومن جهة سيتنافس الطرفان للسيطرة على قرار السلطة المحلية بينما ستشير الفترة القليلة القادمة إلى نوع هذا التنافس.

 

لكن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحتفظ بقوات النخبة الشبوانية بشكل شبه كامل لم يواجه صعوبة شديدة في إعادة حضوره الذي تعرض للتقليص بشكل كبير على حساب قوات الأمن الحكومية منذ مابعد مواجهات أكتوبر 2019 التي هزمت فيها القوات المدعومة من الإمارات.

 

وعلى الأرض في شبوة يراهن المجلس الانتقالي الجنوبي هذه المرة على عودة قوات النخبة الشبوانية ونشرها بشكل أوسع في المنافذ البرية والحدودية مع المحافظات الشمالية في تعزيز للفكرة الجيوسياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي لكن المجلس الانتقالي الجنوبي يخشى في واقع الأمر من الوسط أكثر من الأطراف.

 

فهو يسعى إلى الوصول لغالبية المناطق ذات القواعد الشعبية الرافضة للمجلس وهي مناطق ذات تركيبة قبلية جامدة وتملك وسائل لإمكانية إضعاف حضور المجلس في المحافظة وهي خطوة يسعى المجلس إلى تصحيحها في إعادة تذكير بالهزيمة التي تلقاها قبل عامين.

 

فيما تعد مسألة الإيرادات عاملاً رئيسياً في العودة المبكرة لقوات النخبة الشبوانية لسبيين رئيسين، ويتعلق السبب الأول بمخاوف لدى هذه القوات من الدفع بقوات أكثر ولاءً للمحافظ الجديد مع عدم وضوح رؤية الجانب الإماراتي والتحالف بشكل عام في ملف الدعم والتمويل للقوات الموالية له خلال الفترة القادمة، فيما يشير السبب الثاني إلى خطوة استباقية من قوات المجلس الانتقالي لتمكين قواته أولا في سباق لكبح مخاوفه من أي تحركات شعبية رافضة لعودته.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص