أهم الأخبار

شركات عائلية عرضة للتفكك والتعثر.. هزات ارتدادية تضرب القطاع الخاص اليمني بعد 8 سنوات من الحرب

2023-02-21 الساعة 06:35م (يمن سكاي - وفيق صالح)

دفع القطاع الخاص، ضريبة باهظة، جراء الحرب التي اشتعلت منذ ثمانية أعوام، حيث أثرت على مستوى الإنتاج والنشاط التجاري، ووضعت عقبات وتحديات جمة أمام النشاط التجاري والصناعي في البلاد.

 

مختلف القطاعات الإنتاجية في القطاع الخاص، نالت نصيباً وافراً، من الآثار السلبية والأضرار، بينما تعرضت غالبية الشركات الصغيرة للإفلاس، نتيجة عدم قدرتها على مواجهة التحديات والصعوبات التي فرضتها الحرب.

 

مصدر في إدارة الإحصاء والدراسات بوزارة المالية، قال لـ" المصدر أونلاين" إن أكثر مـن 80٪ مـن منشآت الأعمال الصغيرة، تعرضت للإفلاس، وكذلك 15٪ مـن الشـركات الكبيـرة.

 

وطبقا للمصدر، فإن هناك أكثـر من 500 قضيـة مـن قضايـا الإفلاس المنظـورة فـي المحاكم التجاريـة فـي قطـاع الإتصالات والنقـل والشـركات النفطية وغيرها من الشـركات التجارية نتيجة التغيرات الاقتصادية.

 

وأشار إلى أنها من القضايا التـي يجـب أن تكـون على أولويـة النقـاش والحـوار لدراسـتها ووضـع الحلـول نظـرا لازديادها، وتأثيـرها علـى الناحيـة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

 

خلال ما قبل الحرب لعب القطاع الخاص، دوراً هاماً في تحريك عجلة النشاط الاقتصادي في اليمن، قبيل سنوات الحرب، حيث أسهم بحوالي، 53% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2014، وفي مجال الاستثمار ساهم بنسبة 65% من إجمالي الاستثمار في البلاد.

 

لكنّ المعوقات والتحديات التي واجهها منذ العام 2014، أثرت على نشاطه، وحتى الان لم يصل الناتج الإجمالي للقطاع الخاص إلى مستوى ما قبل 2014، وفق مصدر في الاتحاد العام للغرف التجارية في الجمهورية اليمنية.

 

خلال السنوات الأولى من الحرب كانت الأضرار المباشرة، هي الأكثر فداحة حيث تأثرت منشآت القطاع الخاص والعاملين بصورة مباشرة. وتتبنى كثير من تلك المنشآت إجراءات احترازية مثل تقليص رواتب موظفيها وتسريحهم من العمل من أجل تخفيض نفقاتها والحيلولة دون إغلاق أبوابها.

 

فوفقا لاستبيان مناخ الأعمال اليمني الصادر عن وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر بالتعاون مع منظمة الـ GIZ، للفترة أغسطس - أكتوبر 2015، والذي تم تنفيذه في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة، لوحظ أن 41 % من المنشآت قامت بتسريح حوالي 55 % من موظفيها في المتوسط، وأيضا قامت 7 % من المنشآت بتقليص رواتب موظفيها بحوالي 49 % وسرحت حوالي 64 % من موظفيها. وقامت 3% من المنشآت بتقليص رواتب موظفيها بحوالي 50%.

 

يقول الخبير الاقتصادي منصور البشيري، لـ"المصدر أونلاين" إن القطاع الخاص تعرض خلال سنوات الحرب الماضية، لأضرار مباشرة وغير مباشرة، لكنّ الأضرار غير المباشرة، كانت هي الأكثر تأثيرا.

 

وأشار إلى أن الأضرار المباشرة جاءت من الاستهداف المباشر عبر غارات خاطئة للطيران، أو بالمدفعية، في المدن التي شهدت مواجهات مسلحة مباشرة مثل عدن والحديدة، أو ضربات مدفعية أو تدمير أو حرب مثل عدن والحديدة، وتعرضت المصانع والشركات للتدمير والخراب، مثل المجمع الصناعي لمجموعة إخوان ثابت، التي تعد شركة عائلية، ولحقت بها أضرار وخسائر كبيرة.

 

واعتبر المستشار الاقتصادي للاتحاد العام للغرف التجارية، أن كثيراً من المنشآت والمؤسسات التابعة للقطاع الخاص، لحق بها الضرر، حيث ظل الاتحاد العام يرصد ويحصر حجم الأضرار خلال الثلاث السنوات الأولى من الحرب، لافتاً إلى أنه من بعد 2018 توقف الحصر.

 

أما الأضرار غير المباشرة، بحسب البشيري، فهي كثيرة، منها انقطاع مصادر الطاقة مثل الكهرباء، والمشتقات النفطية لفترات طويلة، وتأثير ذلك على عملية الإنتاج، وتقليص أيام وساعات العمل.

 

تعثر الشركات العائلية

 

تعرضت شركات عائلية كبيرة في البلاد لأضرار مباشرة وغير مباشرة، منها ما تم إتلاف خطوط إنتاج بالكامل مثل ما تعرض له المجمع الصناعي لإخوان ثابت، في محافظة الحديدة، ومنها ما عصفت بها الخلافات، نتيجة تداعيات الحرب، حيث كشف مصدر في الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة، عن خلافات حادة تهدد بتماسك ثلاث شركات عائلية كبرى، منها ما مر على تأسيسها نحو مائة عام.

 

وأصبحت قضايا ثلاث شركات عائلية في صنعاء، منظورة لدى المحكمة التجارية، حيث تتجه هذه الشركات نحو التقسيم والتفكك.

 

وقال مسؤول في الغرفة التجارية والصناعية في الأمانة، لـ"المصدر أونلاين" إن كافة الجهود فشلت في إقناع ملاك هذه الشركات في حل الخلافات والبقاء على تماسك الشركات والحيلولة دون تقسيمها.

 

وأعلنت الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة، أنها تبدي قلقاً كبيراً حيال أي هزات يمكن أن تعصف بالشركات العائلية في اليمن عموماُ، خاصة وأنها تدرك مدى مكانة تلك الشركات ودورها في الاقتصاد الوطني.

 

وحول أسباب اندلاع الخلافات بين ملاك الشركات العائلية، أوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أنها تكمن في التنازع على الملكية أو الإدارة عقـب وفـاة المؤسس أو صاحـب الشركة حيـث تبدأ المطالبات بالحقـوق في الملكية والإدارة وغيرها وهـذا يـؤدي بهـا للتفـكك أو البيـع.

 

مجموعة الشيباني التجارية، هي الأخرى حيث تعد من أعرق المجموعات التجارية في البلاد، والتي تملك مصانع وشركات، داخل البلاد وخارجه، تعرضت لهزات عنيفة، جراء تصاعد حدة الخلافات بين أبناء المؤسس، أحمد عبدالله الشيباني.

 

وقال مسؤول في الغرفة التجارية والصناعية في مدينة تعز، لـ"المصدر أونلاين" إن خطر تفكك الشركات العائلية وانقسامها، يؤدي إلى توقف أنشطة هذه الشركات إما على المستوى الكلي أو بفقـدان جـزء مـن نشـاطها ويصبح نشـاطها محـدوداً أو أنهـا تتحـول لشركات صغيرة، وهو ما يؤثر عـلى النشاط الاقتصادي للبلـد ككل.

 

مصادر مقربة من الإدارة التنفيذية للمجموعة التجارية، أشارت إلى وجود تدخلات من خارج الأسرة، تعمل على تأجيج الخلافات بين أفراد الأسرة المالكة للمجموعة التجارية، وتساهم في عدم الاستقرار.

 

وفي ظل تصاعد حدة الخلافات، بين أبناء الحاج أحمد عبدالله الشيباني، يقود رجل الأعمال البارز عبدالجبار هائل جهود وساطة، لاحتواء الخلاف، وضمان بقاء المجموعة التجارية متماسكة، وعدم انزلاقها إلى التفكك والتشظي.

 

كما وجه رئيس مجلس الوزراء، معين عبدالملك، وزارة الصناعة والتجارة، بمخاطبة مكتب الصناعة والتجارة في تعز، بالإبقاء على الإدارة السابقة للمجموعة التجارية، تمهيداً لإصلاح أوضاع المجموعة وضمان عدم تفككها.

 

وفقـا لأرقام وبيانات رسـمية مـن مراكــز عالمية فـإن الـشركات العائلية تمثـل ما تفـوق نسبته 95٪ مـن الـشركات في العالم العربي وقــد تـزداد هــذه النسـبة في اليمن لقلة عـدد شركات المساهمة العامة لعـدم توفــر الوسط المناسب لتـداول أسهمها والـذي يشـجع قيام مثـل هـذه الكيانات.

 

وتقول مصادر تجارية، لـ"المصدر أونلاين" إن الشركات العائلية، لديها من المشاكل والقضايا ما لا ينطبق على سواها من الشركات، نتيجة صعود الخلافات بين الورثة بعد وفاة المؤسس، أو الرغبة في الاستحواذ والسيطرة بشكل فردي، وتحقيق الطموحات الشخصية على حساب المصلحة العامة للمجموعة ككل.

 

تراجع الناتج الإجمالي للقطاع الخاص

 

احتشدت العوامل والأسباب التي أدت إلى تراجع دور القطاع الخاص في الناتج الإجمالي للاقتصاد اليمني، منها توقف عملية الإنتاج ومنها الإفلاس، وكذلك الخلافات التي أدت إلى تراجع دور الشركات العائلية التي تعد ركيزة أساسية في النشاط التجاري والصناعي في البلاد.

 

وتطرق المستشار الاقتصادي للاتحاد العام للغرف التجارية، منصور البشيري، إلى العديد من العوامل التي أسهمت في تراجع إنتاج القطاع الخاص، وتدهور نشاطه التجاري.

 

واعتبر البشيري، أن التدابير الأمنية التي اتخذتها أطراف الحرب في اليمن، أثرت على القطاع الخاص، مثل إغلاق المطارات والموانئ أمام الحركة التجارية وتنقلات الأفراد، بالإضافة إلى انتشار نقاط الجباية على امتداد الطرقات حيث ساهمت في زيادة التكاليف ورفع الأسعار، وتراجع التسويق والبيع للقطاع الخاص.

 

وأوضح أن هذه العوامل والتداعيات التي أثرت على القطاع الخاص، دفعت بهجرة رأس المال والاستثمارات المحلية، سواء إلى مناطق معينة داخل اليمن، أو خارج، مثل الأردن ومصر وماليزيا وتركيا، وغيرها من دول العام.

 

ولفت إلى أن الانقسام المؤسسي، وتعدد الجبايات، أسهمت في ارتفاع تكلفة الإنتاج وتضخم الأسعار وزيادة معدلات التضخم داخل الاقتصاد، مما أجبر القطاع الخاص على الانكماش والتراجع، وتقليل ساعات العمل والإنتاج وتسريح العمالة.

 

وأثرت هذه العوامل مجتمعة، على تراجع دور القطاع الخاص، وحدت من نشاطه وأسهمت في تراجع ناتجه، حيث أن الناتج الإجمالي للقطاع الخاص لم يصل حتى الان، إلى ما قبل العام 2014.

 

إلى ذلك قدرت دراسة حجم الخسائر الاقتصادية التي تعرض لها قطاع الصناعة بشقيه العام والخاص في بلادنا بنحو 35 مليار دولار للفترة 2015-2020، منها 4.5 مليار دولار حجم خسائر القطاع الصناعي التابع للقطاع الخاص.

 

وبينت الدراسة الصادرة عـن الاتحاد العـام للغـرف التجاريـة الصناعيـة اليمنية هـذا العام أن حجم الانكماش التراكمي في قيمة الناتج المحلي الإجمالي الجاري لقطاع الصناعة عام 2020 يقدر بنسبة 52% عـن حجمه في عـام 2012.

 

فيما قُـدر فقـدان حوالي 73٪ مـن ناتجـه في المتوسط خلال الفـتـرة جـراء ظـروف الحـرب ومــا نتـج عنها مــن تحديات وصعوبات، إلى جانـب التأثيـرات المختلفة لجائحـة كورونـا، مـع العلـم أن معـدل التشـغيل في جانـب القطـاع العـام الصناعـي قـــد بلـغ في المتوسط حوالي 12٪ فقـــط مـن قـــدرة القطـاع الإنتاجية، فيمـــا بلـغ معـدل التشـغيل في القطاع الخاص حوالي 64٪ مـــن قدرتـه الإنتاجية.

 

وعن التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في اليمن، رصدت الدراسة مجموعة من التحديات والمعوقات، التي تعمل على زيادة التكاليف الإنتاجية والتسويقية، للمنتج المحلي مقارنة بالسلع المستوردة المشابهة، وتزداد حدة تلك التحديات، مع السلع والمنتجات المهربة، حيث فاقمت الحرب من عملية تهريب السلع والمنتجات.

 

وقالت الدراسة إن أبرز التحديات تتمثل في الانقسام المؤسسي، والنظرة الضيقة التي تقتصر على جانب تعظيم الإيرادات وخلق المزيد من الضرائب والجبايات المتنوعة، حيث يمثل الازدواج الجمركي، والضريبي، خصوصا القيمة المضافة التي يتم دفعها بنسبة 5% أحد أهم التحديات.

 

ولفتت الدراسة إلى أعباء طلب التسديد النقدي، وبنسبة 100% من الضرائب والرسوم الجمركية، في ظل أزمة نقدية ومصرفية، تتمثل في شح السيولة النقدية، وزيادة الأعباء على القطاع الخاص المنظم، في ظل شيوع التهريب والإخلال بمبدأ المنافسة.

 

المصدر اونلاين

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص