2023-04-30 الساعة 10:32م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
أربعون يوماً مضت، منذ تشييع جثمان الناشط "حمدي عبدالرزاق" المعروف بـ "المكحل" في مدينة إب (وسط البلاد) ولا يزال العشرات من شباب المدينة مختطفين ومخفيين قسرا في سجون وأقبية مليشيا الحوثي على ذمة المشاركة في التشييع.
وكان التشييع المهيب لجثمان "المكحل" قد تحول إلى موجة احتجاج منددة بممارسات وانتهاكات مليشيا الحوثي، وأسهمت حادثة قتل المكحل وما أحدثه موته من غضب في كسر حاجز الخوف لدى أبناء المحافظة الذين يعانون من سياسة القمع والإرهاب الحوثية منذ سيطرة المليشيا على المحافظة منتصف أكتوبر 2014.
أكثر من 100 مختطف
مصادر مطلعة أفادت لـ "المصدر أونلاين" باختطاف المليشيا الحوثية، لأكثر من مائة شاب على الأقل منذ مطلع رمضان الماضي، على ذمة المشاركة في تشييع الشاب المكحل، حيث أودعتهم سجون عدة بمدينة إب، من بينها سجن البحث الجنائي وسجن الأمن السياسي "المخابرات" سيئ الصيت ـ نتيجة الانتهاكات وعمليات التعذيب التي تمارسه فيه، وسجن إدارة أمن محافظة إب، والذي تم فيه تصفية الشاب "المكحل" وإخراج مسرحية هزلية تفيد بوفاة المكحل بعد محاولته الهروب من نافذة حمام السجن، وهي الرواية التي قوبلت برفض شعبي وعززت من الرواية التي أفادت بها مصادر حقوقية وأخرى مقربة من أسرة الضحية، بتصفيته داخل السجن الذي يقع في الدائري الغربي لمدينة إب.
وقالت المصادر، بأن عائلات المختطفين رفضت الإفصاح عن ذويها، ضمن محاولاتها الهادفة لعدم إثارة قضيتهم إعلامياً، وتنعكس بشكل سلبي على محاولات الإفراج عن المختطفين الذين ترفض مليشيا الحوثي الإفراج عنهم، بالرغم من محاولات الأهالي ووسطاء محليين التدخل وممارسة ضغوط واسعة بهدف إطلاق سراحهم، غير أن كل تلك الجهود والمحاولات فشلت في إقناع قيادات المليشيا بالإفراج عنهم، أو معرفة مكان احتجاز بعضهم حتى اللحظة، كون أسرهم لم تعرف عنهم أي شيء حتى اليوم.
وأفادت المصادر، أن مليشيا الحوثي كانت تعتزم محاكمة أكثر من 20 شخصاً من المختطفين، بتهمة نشر الفوضى والتحريض وإقلاق السكينة العامة وغيرها من التهم التي دأبت عليها المليشيا ضد من يخالفها أو يعارضها أو حتى يخرج للمطالبة بأبسط الحقوق أو الخدمات العامة، غير أن المليشيا تراجعت عن فكرة إحالتهم للمحكمة خلال العشر الأواخر من رمضان الماضي، بالتزامن مع تنفيذ صفقة التبادل بين الحكومة والمليشيا تنفيذاً لاتفاق موقع في العشرين من مارس الماضي بمدينة جنيف بسويسرا، برعاية أممية، وأيضا بالتزامن مع زيارة وفدي عمان والسعودية للعاصمة صنعاء ضمن مباحثات تهدف للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في البلاد، ما جعل القيادات الحوثية تتراجع عن محاكمة المختطفين.
ولفتت المصادر، إلى أن ملفات المختطفين الذين كانت تعتزم المليشيا محاكمتهم جاهزة، ولا تزال إمكانية إحالتهم للجزائية المتخصصة قائمة، غير أن المصادر أفادت بتجميد فكرة المحاكمة والاكتفاء بإطالة أمد وفترة الاختطاف وممارسة عمليات التعذيب النفسية والجسدية في السجون الحوثية.
مناسبة العيد
مرت مناسبة عيد الفطر المبارك، والتي كانت تمثل بارقة أمل لعائلات المختطفين، خصوصا وأن المليشيا كانت تقدم وعوداً بالإفراج عنهم مع قرب وحلول عيد الفطر المبارك، وحاول أهالي المختطفين بشتى الوسائل كي يتم الإفراج عنهم، مع المناسبة الدينية الكبيرة، غير أن الوعود الحوثية تبخرت والآمال المعلقة انتهت بغصص وآلام في قلوب آباء وأمهات وأبناء المختطفين.
وأبدى نشطاء وحقوقيون في محافظة إب، استغرابهم من ممارسة الانتهاكات المروعة بحق أبناء المدينة القديمة ومحافظة إب ككل، واتخاذ الاحتجاج المرافق لتشييع المكحل مبررا للانتهاكات وإيصال رسائل منها للآخرين من بقية المواطنين وشباب المحافظة، مؤكدين أن تلك الانتهاكات والرسائل الحوثية المقصودة للآخرين سترتد على المليشيا بصورة مفاجئة وغير متوقعة كما حدث مع جريمة تصفية الشاب المكحل والتي لم تكن على الحسبان أو تدر بخلد أحد، بمن فيهم قيادات المليشيا التي كانت تعتبر محافظة إب واحدة من أكثر المحافظات استكانة ولا يمكن أن تتفجر فيها أي انتفاضة أو تظاهرة ضد المليشيا كما حدث في الأول من رمضان الماضي.
استمرار الاختطافات والانتهاكات
رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات "عرفات حمران"، أكد في تصريح لـ "المصدر أونلاين" مواصلة مليشيا الحوثي احتجاز العشرات من المختطفين من أبناء مدينة إب القديمة، على ذمة المشاركة في تشييع الشاب حمدي المكحل، حيث يقبعون في سجن الأمن السياسي، وسجون أخرى بمدينة إب.
وأضاف "عرفات حمران" بأن الانتهاكات مستمرة وعمليات الاختطاف قائمة بحق شباب وأهالي المدينة القديمة لإب، في الوقت الذي لا تزال مليشيا الحوثي تواصل حصارها للأحياء السكنية بالمدينة القديمة وفرض قيود على حركة المواطنين ونصب نقاط تفتيش مفاجئة في أكثر من مكان، بهدف نشر الرعب بين المواطنين والانتقام منهم.
عمليات تعذيب
الحقوقي "عرفات حمران" قال لـ "المصدر أونلاين" إن المنظمة رصدت اختطاف أكثر من 40 شخصًا، من أبناء إب القديمة على ذمة المشاركة في تشييع المكحل، مؤكدا بأنهم يتعرضون لعمليات تعذيب نفسية وجسدية، في سجن الأمن السياسي "المخابرات" وبقية السجون، حيث تتفن قيادات حوثية بممارسة عمليات التعذيب بحق المختطفين، بالإضافة إلى ممارسة الخداع والوهم على أسر وأهالي المختطفين منذ رمضان الماضي، واستغلالهم ماديا بوعود زائفة لم تتحقق منها شيء.
وأشار إلى أن المليشيا تواصل عمليات التحقيق ليلا بحق المختطفين بشكل يومي، لافتا إلى معاناتهم بسبب سوء التغذية التي تقدم لهم في السجون من قبل المليشيا، بالإضافة إلى منعهم من دخول الحمام والاكتفاء بدخوله مرتين في اليوم، وهي واحدة من عدة انتهاكات وعمليات تعذيب يتعرضون لها في السجون الحوثية بمدينة إب.
وأوضح "حمران" أن من بين المختطفين أطفال وأشخاص لم يصلوا للسن القانوني، مؤكدا أن من بين أبناء مدينة إب القديمة قاصرون أعمارهم ما بين 14 ـ 16 عاما، مؤكدا أن اختطاف القاصرين يعد انتهاكا سافرا لحقوقهم المكفولة بالدستور والقانون وكل العهود والمواثيق الدولية والأممية، مستغربا من صمت المنظمات تجاه الانتهاكات والاختطافات التي تشهدها مدينة إب منذ مطلع رمضان الماضي، وقبلها آلاف الانتهاكات التي شهدتها المحافظة منذ أكثر من ثماني سنوات.
زنازين انفرادية
رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات عرفات حمران أكد بأن مليشيا الحوثي نقلت العديد من المختطفين على ذمة قضية المشاركة في تشييع المكحل، إلى زنازين انفرادية، ضمن عمليات التعذيب النفسية والجسدية بحق المختطفين، مشيرا إلى تشديد المليشيا إجراءات الرقابة على السجون خلال الأيام الماضية.
واعتبر رئيس منظمة رصد، مواصلة مليشيا الحوثي لعمليات الاختطاف لأبناء المدينة القديمة جريمة ومخالفة للقوانين اليمنية والدولية التي تكفل حرية التعبير والتي من بينها التظاهر السلمي، والذي شهدته مدينة إب مطلع رمضان الماضي، داعيا المليشيا لسرعة الإفراج عن المختطفين والتوقف عن الانتهاكات الممارسة بحق أبناء محافظة إب.
ووجه "حمران" رسالة إلى لجنة الصليب الأحمر، لزيارة المختطفين، والتأكد من سلامة أرواحهم وتلقيهم رعاية صحية، وممارسة الضغوط الكافية على مليشيا الحوثي للإفراج عن المختطفين على ذمة قضية المشاركة في تشييع "المكحل".
وفي التاسع عشر من مارس الماضي، أقدمت مليشيا الحوثي بمحافظة إب على تصفية الشاب "المكحل" داخل سجن بإدارة أمن محافظة إب، على خلفية انتقاده ممارسات وانتهاكات مليشيا الحوثي بالمحافظة وتردي الأوضاع الاقتصادية ونشر تلك الانتقادات بمواقع التواصل الاجتماعي، ليتحول عقب تصفيته وقتله المروع إلى أيقونة نضال لدى أبناء المحافظة التي خرجت في جنازته بصورة لم يسبق وأن حدثت من قبل بالرغم من القيود والتحذيرات الحوثية المسبقة لأبناء المحافظة.
وفي الأول من رمضان الماضي شارك الآلاف من أبناء محافظة إب، في تشييع الناشط "حمدي عبدالرزاق قاسم الخولاني" الملقب بـ "المكحل"، والتي تحولت إلى تظاهرة سياسية، حيث ردد المشيعون هتافات ضد مليشيا الحوثي وأخرى مطالبة برحيلها من المحافظة.