2023-06-17 الساعة 10:59م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
بمجرد أن تصل مدينة إب عاصمة المحافظة من أي جهة أخرى، ستقابلك محطات السوق السوداء كأول ما تشاهده عيناك في المدينة المكتظة بمئات الآلاف من السكان، موزعة على مختلف الشوارع والأحياء.
ومنذ سيطرة مليشيا الحوثي على محافظة إب في منتصف أكتوبر 2014م، انتشرت هذه المحطات وتوسعت حتى وصلت إلى جميع الأحياء السكنية والشوارع الرئيسية سواء وسط المدينة إب أو المدن الثانوية كـ يريم والنادرة والسدة والعدين والقاعدة والدليل ومفرق حبيش والنجد الأحمر، وفي مراكز وعواصم المديريات والأسواق المحلية والشعبية.
وباتت تلك المحطات على اختلاف أشكالها وأحجامها ومواقعها، تشكل مصدر قلق للأهالي، نظرا لما تحمله من مخاطر كبيرة على حياتهم، كون تلك المحطات تفتقر لأبسط مقومات السلامة.
وخلال السنوات الماضية، شهدت مدينة إب وبقية مديرياتها العشرين، عشرات الحرائق في الأسواق السوداء في مختلف الأحياء السكنية وأزقة وشوارع المدينة، سقط خلالها عشرات الضحايا، بالإضافة إلى تسجيل خسائر مادية كبيرة.
ومنذ أيام أنشأت محطة لبيع مادة الغاز في جولة العدين وسط مدينة إب عاصمة المحافظة، حيث يعد من أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان والمواطنين الذين يصلون عاصمة المحافظة، من بقية مديرياتها العشرين.
يوم أمس الأول، عاود أحد المستثمرين في تلك المحطات، إنشاء محطة جديدة وعلى بعد أمتار قليلة من مبنى السلطة المحلية بالمحافظة، والتي سمحت له بإنشاء محطة لبيع الغاز، دون مراعاة للمخاطر المترتبة على تمرير إنشاء هكذا محطات وسط أحياء مكتظة بالسكان، ودون مراعاة لرفض الناس لإبقاء هذه المحطات داخل الاحياء.
عودة من جديد رغم الكارثة
في الـ 8 من رمضان الموافق 3 من يونيو 2017م، هز دوى انفجار عنيف في محطة وقود "سوق سوداء" تابعة لمستثمر يدعى "الجعدي" تلاه حريق هائل امتد لمسافة طويلة في شارع المحافظة والشارع الممتد من أمام فندق الحي الراقي غربا، ما دعا أبناء الحي والمنازل المجاورة للمحطة لمغادرة منازلهم للنجاة بأنفسهم من موت محقق، اذ امتدت النيران لمسافات كبيرة واحرقت اكثر من 20 سيارة كانت مركونة في الشارع العام بالإضافة إلى شاحنة محملة بالدقيق ومحلات تجارية على الشارع العام، وتضرر بعض المنازل بشكل جزئي، في ظل غياب كامل للجهات المختصة.
وتعليقا على إنشاء محطة جديدة بجوار مبنى السلطة المحلية، كتب الإعلامي محمد مزاحم عن محطة: "لعلكم تذكرون معي الانفجار الذي حصل قبل عدة سنوات بمحطة بترول تجارية في شارع المحافظة بمدينة إب، وأسفر عن احتراق عدة سيارات كانت بالقرب من المحطة، اليوم وبنفس المكان ولنفس الشخص تم إنشاء محطة غازية تجارية..!".
وتساءل مزاحم عمّن "سمح لهذا المستثمر بإنشاء المحطة الغازية بهذا الشارع العام وبجوار مولدات كهربائية وفي تقاطع مهم يودي إلى الجامعة وسوق القات والنيابة؟!".
وطالب مزاحم، بإعادة النظر بموقع المحطة قبل وقوع الكارثة، في إشارة منه لاحتمالية وقوع حادث مماثل لما شهده الحي منتصف العام 2017م.
قنابل موقوتة
المواطن أحمد السمحي قال إن مدينة إب تنتشر فيها محطات الوقود والغاز بجميع شوارعها وأحياءها السكنية بلا رقيب أو حسيب ولا استشعار للخطر الذي يترتب على انتشارها وتهديدها لحياة المواطنين.
ووصف "السمحي" تلك المحطات بأنها قنابل موقوتة تنتشر الرعب والموت في وقت واحد، وتجعل من يسمح بإنشاء تلك المحطات في موقع المسؤولية المباشرة عن كل التبعات والخسائر التي سبق وأن شهدتها مدينة إب وغيرها من المناطق سواء كانت خسائر بشرية أو مادية، مطالبا بمحاسبتهم واللجوء إلى المحاكم والجهات القضائية وعدم السكوت على هذه المحطات التي توسعت مؤخرا وبشكل غير مسبوق.
ولدى الأهالي في مختلف أحياء مدينة إب، تجارب رفض متعددة لتواجد تلك المحطات، التي تعود ملكيتها في الغالب لقيادات وأشخاص تابعين لمليشيا الحوثي، وتمكن سكان بعض الحارات من من إخراج محطات مؤقتة تم انشائها خلال سنوات الحرب من مناطقهم.
الشاب محمد الزنن طالب من الجهات المختصة النظر في انتشار محطات السوق السوداء، مبررا بأن استمرار انتشارها وبقاء تلك المحطات، لو حدث شيء لا قدر الله ستحصل كارثة لا يحمد عقباها".
وأكد "الزنن" أن هذه المحطات قنابل موقوتة تهدد الناس وأصحاب المحلات المجاورة لها، مضيفا يفترض أن مثل هذه المحطات تبنى في مكان خالي من الناس وليس في وسط المدينة أو بين الناس.
وعند التنقل في شوارع مدينة إب، تجد تلك المحطات بجوار مدارس حكومية وأهلية وبين الأسواق والأحياء السكنية، ما يجعل حياة كل من يعيش في هذه المدينة بخطر، وسط غياب أي دور لإمكانية إزالتها أو نقلها إلى مواقع أقل خطرا مما هي عليه حاليا حتى على المدى البعيد، إذ أن أعداد تلك المحطات تزيد وتتوسع مقارنة بالأشهر والأعوام الماضية.
وفي منتصف العام 2017، ومع تداعيات حريق محطة " الجعدي" بحي المحافظة والخسائر التي ترتبت على الحريق، والغضب الشعبي من انتشار تلك المحطات ومطالبات الأهالي برفعها من المدينة، أضطر حينها محافظ إب المعين من قبل المليشيا عبدالواحد صلاح للخروج بتصريحات إعلامية بهدف امتصاص الغضب الشعبي، حيث وعد "صلاح" بحملة واسعة يتم بموجبها رفع تلك المحطات التي لا تزال منتشرة ولكنها اليوم بأعداد مضاعفة وأكثر مما كانت عليه في 2017م.
انتشار محطات الأسواق السوداء، لاسما الغاز زاد مؤخرا في جميع المحافظات الخاضعة لنفوذ الحوثيين، وذلك بالتزامن مع استيراد قيادات في الجماعة كميات كبيرة عبر ميناء الحديدة، ومنع سلطة الميليشيا دخول ناقلات الغاز القادمة من مارب كالمعتاد طيلة السنوات الماضية الى مناطق نفوذها.