2023-07-23 الساعة 09:50م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
عام دراسي جديد ينطلق في اليمن، وهو عام دراسي تاسع في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي على محافظات عدة شمالي البلاد، دمرت خلالها المدارس والعملية التعليمية برمتها، وحرصت على وأد التعليم إلا ما كان في خدمة مشروعها السلالي، ووسيلة لتعبئة وتحشيد المزيد من المقاتلين في صفوفها.
ومع تدشين العام الدراسي الجديد (2024 - 1445)، شهدت عموم المدارس الحكومية والخاصة بمناطق سيطرة الميليشيا، إقبالاً ضعيفا، في ظل تخوف أولياء الأمور من تعليم أطفالهم في مدارس فخختها الميليشيا بمناهج متطرفة وحولتها الى مراكز للتعبئة والتحشيد.
يقول المواطن "نبيل شمسان" وهو مواطن في أربعينيات العمر، ينتمي إلى محافظة ذمار وسط اليمن، إنه "لن يسجل أولاده الثلاثة (جميعهم قصّر) في المدرسة للعام الدراسي الحالي"، مرجعاً سبب ذلك الى "التغيير الكبير الذي قامت به جماعة الحوثي في مناهج التعليم بمناطق نفوها".
ويضيف لـ"المصدر أونلاين": "الحقيقة التي يجهلها أغلب السكان البسطاء في هذه المناطق، أن المدارس في زمن الحوثيين تحولت الى معسكرات لا أكثر"، ويتابع: "الحوثيين ما عد خلوا لنا حالنا، تركنا لهم المدارس الحكومية وألحقنا أبناءنا في المدارس الأهلية وتحملنا تكاليفها لكنهم فرضوا مناهجهم المستحدثة على هذه المؤسسات وأرسلوا مشرفيهم اليها وأجبروها على اعتماد الاختبارات التي تأتي من قبلهم من أجل بث سمومهم داخل مجتمعنا بالقوة".
واختتم حديثه بالقول: "بدل ما تخسر وتربي لك أعداء من داخل أسرتك، نخليهم يبزغوا (يعملون في جمع القات)، ونستفيد منهم حتى يسهلها الله"، مشيرا الى أن "عدداً كبيراً من أولياء أمور الطلاب، قرروا أن لا يلتحق أبناؤهم بالمدارس مجددا لذات الأسباب".
من جانبه يقول المعلم "ن. ت"، وهو المدرس في احدى المدارس الحكومية بمحافظة حجة (شمال غربي البلاد) إنه تفاجأ من الإقبال الضعيف جدا للطلاب في اليوم الأول لتدشين العام الدراسي الجديد، مشيراً في حديث لـ"المصدر أونلاين" الى أنهم اضطروا لجمع عدد من الفصول الدراسية في فصل واحد بسبب قلة الطلاب.
وأضاف المعلم الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أن "الأمر ليس كالعادة، حيث كانت المدارس تشهد اقبالا لا بأس به في الأيام الأولى ويزداد العدد في الأسبوع التالي للتدشين"، مؤكدا أن "عدد الطلاب المسجلين في المدرسة التي يعمل فيها حتى اليوم الأحد لم يتجاوز ثلث ما تم تسجيله العام الفائت من مختلف الصفوف الدراسية".
وأعرب "ن . ت" عن استغرابه الشديد من هذا الاقبال غير المتوقع، خصوصا وأن المؤسسة التي يعمل بها تقع وسط مدينة حجة حيث الكثافة السكانية، وتساءل: "إذا كانت هذه الأعداد في المدن فكيف في أرياف المحافظات".
وبين الإصرار الحوثي على فرض مناهج الميليشيا المحشوة طائفيا، وعزوف أولياء الأمور عن تعليم أبنائهم، يقول عدد كبير من المدرسين أنهم لن يعودوا الى المدارس مجددا لتعليم الطلاب، خصوصا في ظل استمرار انقطاع المرتبات وتدهور أوضاعهم الاقتصادية.
ونتيجة لسياسة القمع التي انتهجتها ميليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة في العام 2014، فر العديد من الكوادر التربوية المؤهلة إلى مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً، ولجأت العديد من المدارس الواقعة بمناطق سيطرة الميليشيا الى الاعتماد على طلاب في المرحلة الثانوية لتغطية جزء من الفراغ في فصول الطلاب، مقابل مبالغ زهيدة يتم تجميعها من الطلاب الملتحقين بالصفوف الدراسية.
إلى جانب ذلك فرضت الجماعة عناصر تابعة لها ليست مؤهلة ولا تملك شهادة ثانوية او حتى أساسية، لتدريس الطلاب.
وفي السياق يقول أحد المعلمين في محافظة إب، إن المبالغ التي يتقاضونها من أولياء الأمور زهيدة جدا ولا تتناسب مع متطلبات الوضع الراهن، ولهذا لجأ وزملاءه الى العمل في المجالات الشاقة كـ: "البناء، النجارة، الحدادة، الحمول، بعد الخلاطة، والزراعة، وفي مجال الباعة المتجولين أحياناً، وسواقة الدراجات النارية، والاغتراب، مؤكداً أنهم لن يتركوا أعمالهم من جديد من أجل العودة للتدريس، مادامت الأوضاع على حالها.
المواطن "صادق على" والذي يعمل في مجال التنظيف بصنعاء قال إن أطفاله الخمسة (3 إناث، 2 ذكور) لن يستمروا في مواصلة تعليمهم، مشيرا الى أن 3 منهم يساعدونه في تغطية احتياجاتهم اليومية من خلال بيع المياه والمناديل على المارة في الشوارع.
ويعيش نحو 200 ألف معلم في مناطق نفوذ الحوثيين دون رواتب، منذ أن قطعتها الميليشيا في العام 2016، تحت مبرر نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن، وترفض الميليشيا تسليم رواتبهم وغيرهم من الموظفين الحكوميين رغم الإيرادات الضخمة التي تجنيها الميليشيا منذ سنوات.