2023-09-27 الساعة 04:25م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
يوم الخميس الماضي نظم الحوثي عرضاً عسكرياً لعناصره، ويستعد لأهم فعالية طائفية "المولد" يحشد لها منذ نهاية شهر محرم تقريبا باستخدام كل وسائل الدولة، وقدراتها، من بين من يحشدون لهذه الفعالية التي دعا عبدالملك الحوثي لتكون الأكبر على الإطلاق "سفر الصوفي" مدير مكتب عبدالملك الذي نظم عدة فعاليات للحشد.
بين الفعاليتين: كانت هناك الذكرى الحادية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، التي شن عليها مهدي المشاط هجوماً شديداً في كلمته بالمناسبة، ووصفها بأبشع الأوصاف ودعا إلى تجاوزها والتصالح مع الإمامة بطريقة غير مباشرة "التصالح مع ماضي اليمن، وحاضره".
على عكس ما كان يريد الحوثي، من إرهاب الناس عسكرياً في ذكرى سقوط صنعاء، واستعراض أنصاره في المولد، هب الناس مساء الإثنين الخامس والعشرين، ويوم الثلاثاء السادس والعشرين من سبتمبر في احتفالات غير مسبوقة وتظاهرات وفعاليات، في معظم المحافظات، خاصة صنعاء، الحديدة، إب.
ليلة الاثنين خطف الحوثي العشرات يقدر ناشطون عددهم بخمسين شخصاً من احتفال حضره وزراء المؤتمر الموالي للحوثي ولم يحضره أحد من الحوثي، بعض الحاضرين خطفوا وهم على الهواء مباشرة على صفحاتهم مثل فارس حرمل.
ظهرت ما لا يقل عن خمسة مقاطع متداولة ليلة الاثنين، لعناصر حوثية تمزق العلم الجمهوري وتنزعه من الناس، ومن الشوارع بالقوة، كما ظهرت أعلام مرمية تحت أقدام عناصر ترتدي زي شرطة النجدة الحوثية، أدى لتخبط حوثي واضح في تقديم الرواية بداية من إنكارها، ثم الزعم أنها عملية مدبرة وصولاً إلى زعمهم إلقاء القبض على المقطع الذي حدث في جولة ريماس بشارع حدة بقلب أمانة العاصمة.
أين تجمع المتظاهرون الثلاثاء؟
قال مصدر محلي شارك في التظاهرات وأدلى بشهادة كاملة عما جرى من التظاهرات، إن الشوارع الرئيسية التي ازدحمت بالآلاف كانت في الدائري مرورا بالقاع، العدل، السائلة، التحرير، الستين، جولة الرويشان، حدة، السبعين رغم الحظر، التحرير، شارع الجزائر وحتى الستين وصولا إلى مذبح، كان ممتلئاً بالمتظاهرين والسيارات التي تصدح بالأغاني الوطنية أما الشوارع ممتلئة بالناس وكل السيارات رافعة العلم الجمهوري.
حشد مبكر وكثيف لا يستطيع الحوثي مواجهته:
بدأ احتشاد الناس من صباح الثلاثاء، ومعظمهم خرج فترة بعد الظهيرة واستمر الخروج حتى الساعة العاشرة مساء.
تشير بعض مقاطع وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن المتظاهرين في صنعاء ظلوا في الشوارع حتى وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
قال المصدر فشلت كل المحاولات الحوثية باحتواء التظاهرات؛
يضيف "من الصعب جدا على الحوثي أن ينهي التظاهرات بالقوة من العصر إلى الساعة الحادية عشرة ليلا.... أمام الطقم الحوثي هناك 200 سيارة مدنية محتشدة للتظاهرات، بعد استفزاز تمزيق العلم ورميه في الأرض".
حاولت عدة أطقم عليها عناصر مليشيا الحوثي استفزاز المتظاهرين، وتعرضوا أكثر من مرة للمتظاهرين وترديد الصرخة، كان الشباب يرد: "بالروح بالدم نفديك يا يمن ... جمهورية جمهورية".
حسب شاهد روى للمصدر أونلاين مشاهداته: "لجأ عناصر الحوثي إلى استخدام العصي أو الرجم بالحجارة لكنهم سرعان ما غادروا بعد أن يتجمع المتظاهرون، كان الشباب ينظرون إلى هذه الطقوم أو الدراجات النارية، بسخرية وضحك، على محاولات الاستفزاز، عمل أصحاب الدراجات النارية على منع بعض الأطقم من الوصول إلى سيارات المتظاهرين".
يتابع "لأول مرة يقف الحوثي عاجزا عن مواجهة فعل شعبي كما حدث ليلة الثلاثاء، كثيرون أيضا معهم أسلحة شخصية، كانت الطقوم التي تحاول اعتراض المتظاهرين واستفزازهم قوة جديدة تحمل لافتات المولد، وتهتف بالصرخة، وجديدة كليا على الشوارع، كثير من العناصر التي حاولت الاعتداء على المتظاهرين كانوا على متن دراجات نارية"، يستدرك "لم تكن من القوات الأمنية الحوثية في صنعاء".
جيل جديد يتصدر المواجهة ويتعهد بالدفاع عن الجمهورية
معظم الذين خرجوا في تظاهرات الليلتين الماضيتين، كانوا من أبناء "جيل الحرب" تتراوح أعمارهم بين ال15 عشرة والخامسة والعشرين من عمرهم تقريبا من الذين فتحوا أعينهم على الحياة في فترة الحرب. الجيل الأكبر من عمر الثلاثينات، موجودون بكثافة، لكنهم يسوقون السيارات ويلوحون بالأعلام، لكن النسبة الأكبر من الفئة العمرية هي الفئة الأصغر بين 15 و25 سنة، وكان هؤلاء ينزلون من السيارات أكثر من هتافهم عليها.
قال الشاهد: يشعرك هؤلاء الجيل بحماسهم عندما يتحدثون عن الجمهورية، كأنه من ذات الجيل الذي فجر الثورة، انتماؤهم صارم للجمهورية، كأنه جزء من ثورة 26سبتمبر، هو جزء من هوية الثورة، وليس نتيجة عن ثقافة. هو جيل مختلف ويشعر بالانتماء يبحث عن لحظة معينة لقيادة المسألة لأنه جيل قادر على التحرك والتمرد.
حماس الشباب الأصغر سنا، ألهم الآلاف للخروج إلى الشوارع دون أن يكونوا يخططون لذلك، يقول الشاهد: "معظم الذين خرجوا كانوا مخططين يجلسون في البيوت أو يخزنون مع أصحابهم بمناسبة سبتمبر لكن الذي وقع أمس (تمزيق العلم وإهانته) دفعهم للشوارع، وحماس هؤلاء الشباب. وفق ما يؤكد الشاهد وآخرون.
كان معهم سيارات ودراجات نارية، يتظاهرون ويحشدون ويغنون، هم شباب وفتيان الحارات، هذا الأمر لم يكن متوقعاً على الإطلاق.
الخروج للعائلة بأكملها
لم يكن الأمر مقتصراً على الفتيان، كانت هناك مساهمة فعالة للفتيات والنساء، هناك عشرات السيارات التي تسوقها نساء وكل ركابها نساء.
معظم السيارات لم يخرج شبابها فقط، بل العائلة كلها، أكثر السيارات لديها أطفال من الرضاعة حتى كبار السن، السيارات كلها ممتلئة بأفراد العائلة. وكلهم يرفعون الأعلام، أنت ترى أمامك ألف سيارة في نوافذها الأربعة ترى الأعلام الجمهورية.
الخروج عفوي وشعبي بالكامل
وفق الشاهد فإنه مستحيل أن يكون هناك أي جهة نظمت الفعاليات من خلف ستار، بل فعل شعبي عفوي.
يؤكد أحد المتابعين للمصدر أونلاين بأن خروج الناس في صنعاء عفوي بشكل كامل.
قال الشاهد: "خرج الناس عفوي، وهو أمر حاسم، ويشير إلى مجتمع جاهز للمقاومة، ينتظر قيادة تلتقط اللحظة المناسبة حالياً".
تمايز بين عناصر الحوثي
من قام بتدنيس العلم الجمهوري، لم يكن من عناصر الحوثي المقيمين والعاملين في صنعاء، بل قوة جديدة وصلت إلى المدينة من الملثمين ويبدو أنهم من الأمن الوقائي أو من الضبط المروري.
وفق الشاهد نقلاً عن عناصر في قوات النجدة والشرطة المقيمة في صنعاء: "كانت القوة المقيمة في صنعاء يقتصر دورها على تنظيم الشوارع، باحتراف، لكن الأهم أنهم تفاعلوا وتبادلوا الابتسامات مع المتظاهرين". يضيف الشاهد "كان الأمن متفاعلاً بشكل يشعرك أنه جزء من هذا التنظيم، وهذه الفعاليات وجزء من خروج الناس، وكانوا يقبلون هدايا الأعلام من المتظاهرين بفرحة مختلفة كما لو أنه يشعر أيضا بالخطر على الجمهورية وعلمها. بعضهم تفاعل مع الناس، وبعضهم الآخر، كان يقول للمتظاهرين اهتفوا وارفعوا أصواتكم".
يعلق "أفراد الأمن العاديين كانت مشاعرهم مع الناس ولكن هناك وحدات جهزها الحوثي لهذه الفعاليات".
نقل الشاهد عن أحد عناصر الحوثي قوله "ليس نحن من أهان العلم الجمهوري، بل قوة أخرى أتى بها الحوثي، وهم يعملون في النقاط حاليا.
نفدت الأعلام من صنعاء
منذ المغرب لم يعد بالإمكان الحصول على علم جاهز، رغم ارتفاع سعر العلم المحمول على عصا، من 500 ريال إلى 1800 ريال. أدى ذلك لقيام عدد من الخياطين بنسج أعلام وبيعها مباشرة فور الخياطة مباشرة.
الوضع مقلق للحوثي
رغم بساطة وعفوية الفعل فإن اندفاع الناس إلى الشارع للإحتفال ورفع العلم مثل رسالة شعبية واسعة النطاق للحوثي بأن الشارع ينتظر اللحظة المناسبة للتعبير عن رفضه لهيمنة الحوثي وضيقه بالقبضة التي يحاول فرضها، يعلق أحدهم "بدا من تصرفات نشطاء ومشرفي الحوثيين وطريقة تعاطيهم مع هذا التحرك الشعبي شعورهم بالخيبة أن جهودهم منذ تسع سنوات تلاشت في ليالي محدودة".
كان التخبط الحوثي في تفسير تمزيق العلم أمس واضحا، كان مستفزا للناس الذين تعاملوا مع الأمر على أن الحوثي يعلن الإمامة ولن يتسامح الناس مع هذه المسألة.
عبدالملك الحوثي يعلن لأول مرة أنه يريد الجمهورية، ولكن بشروطه، وقال إنه لا يعترض عليها وليست معه مشكلة، لكنه تحايل أيضا في خطابه الذي لم يسمع به أحد، وقال إنه يريدها أن تكون تجسيدا لما يسميه "الهوية الإيمانية".
حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء الأربعاء تداول ناشطون محاولات حوثية تريد إنهاء التظاهرات بالقوة في جولة ريماس، مستخدمين البلاطجة والمسلحين الملثمين، ومسلحين آخرين على متن دراجات نارية قدموا من ميدان السبعين، المجاور، بينما يصر بعض المتظاهرين على البقاء.