أهم الأخبار

انتشار الأوبئة.. تكدُّس النفايات في مدينة تعز يفاقم من المشاكل الصحية للسكان

2023-10-14 الساعة 02:59م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

تشهد شوارع وأحياء المحافظات اليمنية تكدسًا مُخيفًا في النفايات والمخلفات البلاستيكية التي تشكل تلوثًا يقترن في الغالب كمنتج ثانوي للأماكن الطبيعية الحضرية بتغيير المناخ، حيث يتفاقم كل من تغير المناخ وتلوث الهواء بسبب حرق الوقود الأحفوري، مما يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وهو سبب الاحتباس الحراري، حسب تقارير الأمم المتحدة.

 

في أكتوبر/ تشرين أول من العام 2018م، أفادت منظمة الصحة العالمية في تقريرٍ لها أن 93٪ من أطفال العالم يتنفسون يوميًا هواءً ملوثًا. يتعرض 1.8 مليار طفل لتلوث هواء خطير يشكل تهديدًا جسيمًا على صحتهم ونموهم. وفقًا للتقرير، توفي حوالي 600,000 طفل في عام 2016 بسبب التهابات الجهاز التنفسي السفلي المرتبطة بتلوث الهواء. أكثر من 40٪ من سكان العالم.

 

منظر مؤذٍ

تنتشر النفايات المكدسة في الأزقة ومداخل الأحياء وعلى امتداد الأرصفة بشكل كبير في مدينة تعز؛ الأمر الذي يساعد على انتشار الأمراض، ويصيب البيئة في مقتل، حيث يعاد تدوير هذه الأضرار على الإنسان والحيوان والتربة، وفق دراسات سابقة.

 

وحول انتشار النفايات بشكل كبير في أحياء وشوارع وأزقة مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن) يقول الناشط صلاح الواسعي: " أشعر بأسف بالغ كلما مررتُ أمام نفايات في الشارع، حيث أشعر بأنني أعيش في بيئة قذرة جدًا".

 

ويضيف الواسعي المقيم في ذات المدينة، أن النظافة سلوك يجب أن يتعزز في الدولة وفي الشارع قبل المنزل.

 

ويوضح: "في تعز نحلم فقط بشارع نظيف ليس فيه نفايات أو قنوات صرف صحي ولا تغمره الروائح النتنة".

 

مشكلة النفايات

 

يرى عامل النظافة أكرم الشرعبي، أن تكدّس النفايات في شوارع مدينة تعز سببه؛ قلة الوعي لدى المجتمع، حيث نقوم بوضع (البراميل) فيرمي المواطنون القمامة إلى جوار البراميل، بالإضافة إلى نقص معدات النظافة لدى صندوق النظافة والتحسين.

 

من جانبه يقول نائب صندوق النظافة والتحسين في تعز عرفات جامل: "المعدات لا تفي باحتياجات ترفيع ونقل جميع النفايات من شوارع وأحياء المدينة؛ حيث أن ما يتم ترفيعه وترحيله من النفايات يمثل 70% من اجمالي النفايات الناتجة يوميا".

 

 

ويوضح جامل، أن 30 % من النفايات يتم رميها من قبل المواطنين في السوائل، ومجاري السيول، وفي سفوح المناطق المرتفعة في المدينة.

 

انتشار الأوبئة

يعتقد مدير إدارة الجودة ومكافحة العدوى في المستشفى اليمني السويدي وليد القدسي أن مواسم الأمطار تمثل بيئة خصبة للأوبئة بمدينة تعز، حيث يقوم السكان برمي المخلفات والنفايات في مجاري السيول بذريعة "سيحملها السيل في طريقه!".

 

ويضيف القدسي، أنه على امتداد تلك السوائل من منطقة صينة، أسفل جبل صبر، جنوبي المحافظة، إلى منطقة سد العامرة شمالًا، تتكدس أطنان من النفايات التي تتحول إلى أكوام صلبة بفعل السيول والأتربة.

 

ويتابع:" هذه الأكوام تساعد على انتشار البعوض الناقل لحمى الضنك، وأمراض الملاريا، فضلًا عن أمراض الجهاز التنفسي؛ نتيجة تكديسها في الشوارع بسبب تقاعس الجهات المعنية".

 

تصريف خاطئ

يتهم سكان السلطات المعنية بالتقاعس عن القيام بعملها في نقل القمامة إلى أماكنها المخصصة؛ ما يضطر المواطنين وأصحاب المحلات الأكثر تضررًا إلى حرق النفايات في الشوارع؛ مخلفين معاناة أخرى للسكان.

 

وبهذا الصدد، تقول صفية القحطاني التي تسكن قريبة من "ركن قامة": "يتعبني انبعاث الروائح الكريهة؛ بسبب رمي القمامة في مجاري السيول وفي ركن قريب من نافذتي، فيسبب لي صداع مستمر".

 

وتضيف القحطاني "ما يزيد الأمر سوءًا، أنه حينما نشكو من هذا الأمر، يقوم عِدة مبادرين بحرق هذه النفايات في أماكنها، فيمتلئ منزلي بالدخان والذي سبب لأطفالي العديد من المشاكل منها التهابات حادة في الصدر والأنف".

 

من جهته، يرى الطبيب القدسي أن حرق النفايات في المناطق السكانية يسبب العديد من المشاكل الصحية؛ لأن النفايات تحتوي على عدة غازات سامة وعندما تنطلق الأبخرة والدخان يستنشقها المواطنون وتؤثر على صحتهم.

 

عوادم سامة

تكدُّس النفايات ينتج عنه أيضا، غازات تؤدي إلى تلوث الهواء مثل أكاسيد الكربون بأنواعها وغاز الأمونيا ولها أضرار متفاقمة على الإنسان والحيوان والبيئة.

 

وخلصت دراسة أجراها الباحث خالد العبيدي، إلى أن النفايات المكدسة تحتوي على غاز أول أكسيد الكربون، الذي يتحد بالهواء مع (الهيموجلوبين) وينتج ( كربوكسيل الهيموجلوبين)، الذي زيادة نسبته بالدم تؤدي إلى ضعف حاسة البصر، كما يضر القلب والجهاز العصبي والتنفسي؛ مما يؤدي إلى انسداد في الأوعية الدموية التي تنتهي بالوفاة.

 

وتوضح الدراسة، أن انبعاث ثاني أكسيد الكربون من النفايات يؤدي إلى تخريش في الأغشية المخاطية، والتهاب في القصبة الهوائية ويهيج الحلق ويصعب عملية التنفس مما قد يؤدي إلى الاختناق.

 

وتشير الدراسة إلى أن غاز الأمونيا (النشادر) ينبعث أيضًا من النفايات فيضر الأغشية المخاطية للعين والجيوب الأنفية والحنجرة، وتؤثر زيادته في الجسم إلى التأثير على إنزيماته مما قد يسبب العقم.

 

وتضيف، أن غاز كبريتد الهيدروجين مصدره العفن الذي ينبعث من النفايات التي تحتوي على عنصر الكبريت.

 

وتؤكد الدراسة، أن استنشاق غاز كبريتد الهيدروجين بشكل كبير يؤدي إلى المرض ثم الموت؛ حيث يؤثر على جهاز الإنسان العصبي المركزي، ويؤدي إلى كسل في التفكير، تنشيط عملية الأكسدة الخمائرية التي تؤدي إلى اضطرابات في التنفس، والتهابات في القصبات الهوائية والحنجرة وتجريح الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية.

 

إمكانات محدودة

لكن الحل ليس في متناول اليد حالياً، يقول نائب مدير صندوق النظافة والتحسين بمدينة تعز عرفات جامل، إن عدد البراميل الصالحة والتي تستخدم حاليا لاحتواء وتجميع النفايات حوالي (250) برميل قمامة من أصل 1800 برميل، كانت متوفرة قبل الحرب، وإن عدد معدات القمامة العاملة داخل المدينة 19 معدة، منها 6 معدات متهالكة.

 

ويضيف جامل: "يتم مواجهة العجز بمعدات بسيطة، مثلاً نقوم باستئجار شيول كبير للعمل بصورة يومية في مسح المقلب خلال فترات العمل المسائية والليلية، وهذا يعرض الشيول لأعطال بشكل شبه مستمر، بالإضافة إلى أنه يتم استئجار معدات ثقيلة من غرافة وقلابات كبيرة؛ لترفيع النفايات التي تتكدس في بعض المناطق".

 

ويشير إلى أن المعدات بالمجمل المتواجدة الآن، 2 ضاغطات حمولة 8 طن، 2 ضاغطات حمولة 5 طن،3 قلابات حمولة 8 طن، 6 قلابات صغيرة حمولة 3 طن، 2 قلابات متوسطة حمولة 4 طن.

 

ويوضح نائب مدير صندوق النظافة والتحسين: "لدينا بالإضافة إلى ما سبق، ضاغطة واحدة كبيرة متهالكة تتعرض لأعطال بشكل مستمر، حمولة 15 طن لكن طاقتها الانتاجية الحالية 8 طن، وضاغطة أخرى متوسطة متهالكة أيضا كالسابقة حمولتها 8 طن، لكن طاقتها الانتاجية الحالية 5 طن، بالإضافة إلى 2 قلابات صغيرة متهالكة وتتعطل باستمرار حمولة 3 طن".

 

ويختتم جامل حديثه "إذا اشتغلنا بجهد أكبر بهذا العدد المحدود من المعدات، وتشغيلها فوق طاقتها الانتاجية؛ سيؤدي ذلك إلى ضعف انتاجيتها مستقبلا وستتعطل بدرجة كبيرة مما يهدد بحدوث كارثة بيئية في المدينة".

 

تبعات الحرب

وساهمت الحرب بشكلٍ ملحوظ في زيادة تكدُّس النفايات وانتشار الأمراض والتأثير على البيئة، وكذلك ضعف وقلة الإمكانيات اللازمة لمواجهة التكديس وتنظيف البلاد من النفايات.

 

وفي هذا السياق، يوضح عرفات جامل، أن المعدات العاملة التي كان يمتلكها الصندوق قبل حدوث الحرب، تصل إلى أكثر من 80 آلية، العدد الأكبر منها مخصص للأعمال النظافة، والجزء المتبقي مخصص للأعمال سقاية الأشجار والصيانة.

 

ويوضح: "كان هناك قبل الحرب 3 معدات كبيرة حرارات جنزير، يتم استخدامها في مسح النفايات في مقلب القمامة، والآن لا يتوفر لدينا أي منها حيث نقوم باستئجار معدة شيول كبير للعمل بصورة يومية في مسح المقلب".

 

في غضون ذلك يعتقد خبراء البيئة في اليمن، بأن البلاد تحتاج إلى ميزانية كبيرة ومعدات كثيرة وثقيلة لرفع النفايات المكدسة التي تعمل على تلويث الهواء وبالتالي يسبب الاحتباس الحراري الذي هو سبب التغييرات المناخية والكوارث العالمية في جميع البلدان والتي زادت في الآونة الأخيرة.

 

ويؤكد الخبراء أن السكان بحاجة إلى وعي للشعور بالمسئولية تجاه نظافة المدينة وحرق النفايات في أماكن بعيدة عن المناطق السكانية.

 

وبدورها، توصي منظمة الصحة العالمية بتنفيذ سياسات للحد من تلوث الهواء وتعزيزه، وذلك من خلال تحسين إدارة النفايات، واستخدام تقنيات ووقود نظيف للطهي المنزلي والتدفئة والإضاءة، بهدف تحسين جودة الهواء داخل المنازل.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص