2023-11-26 الساعة 04:26م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
عندما اشتعلت النار في غزة مطلع أكتوبر الماضي رأت فيها إيران وأذرعها المسلحة في المنطقة العربية وفي مقدمتها مليشيا الحوثي فرصة ذهبية لتبييض صفحتها وغسل جرائمها بحق الشعوب العربية مستغلة مشاعر الناس المتأججة ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وخلال الأشهر الماضية وقفت قيادة المليشيا التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، أمام الغضب الشعبي والاحتجاجات المطالبة بصرف المرتبات وتوفير الخدمات، ووجدت في أحداث غزة فرصة للهروب نحو القضية التي كانت وما تزال تمثل إجماعاً لدى اليمنيين.
وبقدر ما تلقى الفلسطينيون مئات الأطنان من القنابل والقذائف الإسرائيلية فقد تلقوا سيولاً من تصريحات مسؤولين إيرانيين وقيادات أذرعها المسلحة. لكنهم لم يروا فعلاً حقيقياً باستثناء مناوشات محدودة جنوب لبنان جلبت التندر أكثر مما أثارت مشاعر التضامن.
أعلن الحوثيون أكثر من مرة إطلاق قذائف وصواريخ باتجاه إسرائيل، وفيما لم يعرف مكان سقوطها أو الأثر الذي أحدثته، فقد سارعت المليشيا في خطوات التوظيف المحلي لهذه التحركات لمواجهة تراكمات عشر سنوات من السخط الشعبي وفقدان المشروعية.
ومع هذه التحركات فقد وظفت المليشيات ذبابها الإلكتروني لمحاولة تقديمها في صورة البطل المنقذ، ومحاولة تصوير كل خصومها أو من يعارض ممارساتها على الأرض كعملاء للصهاينة، بعد أن استخدمت خلال السنوات الماضية اتهامات متنوعة كمبرر لحشد مقاتليها ومهاجمة خصومها في عدد من محافظات اليمن.
الأسبوع الماضي أعادت معامل تابعة للحوثيين في صنعاء إنتاج نسخ من الشال الفلسطيني يظهر في أحد طرفيه صورة زعيم الجماعة مكتوب تحتها "طوفان الأقصى" "الثورة الكبرى"، وفي الطرف الآخر خارطة فلسطين في محاولة للإيحاء بأن عملية "طوفان الأقصى"، التي ينظر لها الشارع اليمني كفعل بطولي تعد ضمن رصيد زعيم الجماعة. وعممت الجماعة على قياداتها وناشطيها وأنصارها ارتداء الشال الذي ظهر في كل فعالياتهم الشعبية والرسمية.
بنظر إعلام الجماعة فلا يكفي أن تقدم زعيمها في صورة "محرر فلسطين" فهو يدرك أن هذا الخطاب لا يلقى رواجاً إلا في نطاق ضيق بين الأميين أو صغار السن من أنصار الجماعة وفي مناطق التعبئة المكثفة، وبالتالي فإن هذه الدعاية السوداء لا تؤتي ثمرتها إلا بتقديم "الآخر"، والآخر هنا كل من يختلف مع الجماعة من الأطراف المحلية أو الإقليمية، على أنه عميل للصهاينة أو مطبع معهم. وبالتالي فقد حركت جيوشها الإلكترونية لتوظيف الأحداث الأخيرة في فلسطين في الدعاية ضد خصومها وتوزيع تهم العمالة والتطبيع على نطاق واسع.
مساء السبت، كان نشطاء ينشرون على منصاتهم وثيقة مزورة منسوبة لرئاسة أركان الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية، تتضمن توجيهات بمواجهة التعاطف مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في أوساط منتسبي الجيش، وكان في مقدمة متداولي هذه الوثيقة المزورة، والتي وصفت حماس بـ"الإرهابية"، نشطاء تبنوا مؤخراً الخطاب الحوثي، وصاروا ضمن آلته الدعائية منطلقين من موقفهم المناوئ للسعودية ووجدوا في الخطاب الحوثي الداعم للمقاومة الفلسطينية غطاءً ملائماً لاصطفافهم مع مليشيا طائفية قتلت من اليمنيين خلال تسع سنوات أكثر مما قتل الاحتلال الإسرائيلي من الفلسطينيين خلال ٨٠ عام.
والمثير للسخرية أن هذه الوثيقة انتشرت بعد وقت قصير من ظهور رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز في فعالية لقوات الأمن بمارب، إلى جوار عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة، وهو يرتدي الشال الفلسطيني، كتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.