2024-10-03 الساعة 03:18م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعصف باليمن، اضطر العديد من السكان الذين فقدوا وظائفهم وتوقفت رواتبهم إلى بيع أثاث منازلهم مُكرهين لمواجهة التكاليف الباهظة للمعيشة.
وبات هذا الحل المؤقت يفرض نفسه في رحلة طويلة من المعاناة التي سببتها الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، وأدت إلى انهيار الأوضاع المعيشية لشريحة كبيرة من سكان صنعاء وبقية المحافظات.
الأثاث مقابل البقاء
تقول نونا سعد، الأخصائية الاجتماعية، في حديثها لـ"المصدر أونلاين" إن "أغلب المواطنين غير قادرين على دفع الإيجارات أو شراء الاحتياجات الأساسية من الغذاء، بينما دفعت الظروف البعض إلى التشرد والبحث عن بقايا حياة في الشوارع".
وتوضح نونا أن انتشار بيع الأثاث عبر الحراج أو الإنترنت يعكس الحالة المعيشية المتدهورة للكثير من الأسر، ويعد مؤشراً خطيراً على مستوى الحاجة والفقر الذي وصل إليه المجتمع.
أنور الريمي، وهو أحد سكان صنعاء، اضطر إلى بيع قنينة الغاز المنزلي وشاشة تلفزيون صغيرة لسداد إيجار شقته الصغيرة التي يعيش فيها مع أسرته، يقول أنور: "لقد بعت كل ما أملك، والآن نحن مهددون بالتشرد".
يعمل أنور بعربة لبيع البطاطس في شوارع صنعاء، ويحاول بكل جهد تأمين احتياجات أسرته المكونة من خمسة أفراد، في معركة يومية ضد الفقر.
وفي حديثه لـ"المصدر أونلاين" يضيف: "بعنا الشهر الماضي البوتاجاز لتسديد الإيجار، وقبلها بعنا ضاغط المجلس لإجراء عملية جراحية لابنتي الصغرى. هكذا نتعامل مع كل مصيبة تواجهنا، بينما المردود الذي أحصل عليه بالكاد يغطي المصروف".
توسع الظاهرة وتنشيط أسواق الحراج
يفضل خالد الروني شراء حاجته المنزلية من أسواق الحراج المنتشرة حيث الأسعار المنخفضة والعروض المغرية يقول الروني (للمصدر أونلاين) في الحراج الأسعار رخيصة جداً مقارنه بأسعارها جديدة نجدها بنصف السعر، ولا تفرق معنا ما إن كانت السلعة جديدة أم مستعملة أهم شيء تكون نظيفة وسعرها أرخص
يضيف الروني "عندما أشتري من البائع مباشرة يكون السعر أكثر رخصاً على خلاف عندما نشتري من العاملين بالحراج الذين يضيفون أرباحاً لهم فوق سعره، وفي كل الأحوال هنا السعر مناسب لنا كبسطاء ومطحونين وبلهجته الشعبية يضيف "كل الشعب معتمد على الحراج ناس يبيعوا وآخرين يشتروا"
العرض أكثر من الطلب
تشير عالية محمد، المتخصصة في التسويق الإلكتروني لبيع الأثاث المستعمل، إلى أن الطلب على السلع المعروضة أقل بكثير من العرض.
وتقول لـ"المصدر أونلاين" "نتلقى يومياً عروض بيع لمواد منزلية كثيرة، لكن بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، الناس لا يستطيعون الشراء حتى بأسعار مخفضة".
وتضيف: "العائلات التي تضطر لبيع مقتنياتها تضع أسعاراً منخفضة، ومع ذلك يطلب المشترون تخفيضاً إضافيًا بسبب أوضاعهم الصعبة".
يستيقظ سمير الوائلي في الصباح الباكر متوجهاً إلى سوق الصافية، أكبر سوق لبيع الأثاث المستعمل في صنعاء، على أمل أن يبيع قطعة من الأثاث لمحتاج، وهو ما يمكنه من توفير مصروف يومه وعائلته.
ويقول سمير لـ"المصدر أونلاين": "نحن نعتمد في عملنا على الأثاث المستعمل الذي يأتينا يومياً من رجال ونساء بحاجة إلى المال. هذه السلع، رغم رخصها، تُعد مصدر رزقنا في هذا الوضع الصعب"، مؤكداً تراجع الإقبال عليها مؤخراً رغم رخصها.
نفاد المدخرات وتوسع رقعة الفقر
وفقاً لخبراء الاقتصاد، فإن توسع ظاهرة بيع الأثاث يعكس اتساع رقعة الفقر في المجتمع اليمني، حيث انحسرت الطبقة الوسطى لتصبح جزءاً من الطبقة الفقيرة، في تراجعت الأسر الفقيرة الى أدنى مستوى تحت خط الفقر، وبات عدد كبير من الأسر تعتمد على بيع ممتلكاتها الأساسية بعد نفاد مدخراتها، لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية.
ويشير رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، إلى أن الاقتصاد في صنعاء تلك المناطق يشهد حالة من الركود والانكماش غير المسبوق، نتيجة توقف صرف الرواتب وشح السيولة في السوق من العملة المحلية والأجنبية، مضيفاً أن العديد من السياسات التي تم اتخاذها في الفترة الماضية وأدت إلى حالة من الانكماش الأمر الذي انعكس سلباً على حياة الناس.
ولفت مصطفى إلى أن تراجع مداخيل المواطنين يعطل دورة الاقتصاد، مما يدفع الناس إلى الاعتماد على ما تبقى لديهم من مدخرات، وعندما تنفد، يضطرون لبيع ما يمتلكونه، قابلة للبيع لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية.
أسوأ أزمة إنسانية
وتشهد اليمن أزمة إنسانية تُعد من بين الأسوأ في العالم، حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان تحت خط الفقر، ويعتمد 23.4 مليون شخص، أي نحو 73% من السكان، على المساعدات الإنسانية.
ووفقاً لتقارير البنك الدولي، فإن الأسر اليمنية باتت تلجأ إلى تدابير قاسية بعد نفاد شبكات الأمان التقليدية، مع وجود 17 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي.
سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء وبعض المدن اليمنية منذ 10 سنوات أدخلت البلاد في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية، حيث بات 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ما دفع بالملايين إلى حافة المجاعة.