2015-09-09 الساعة 11:24ص (يمن سكاي - متابعات)
يواصل الاحتلال بأجهزته العلمية ومؤسسات بحثه الأكاديمية، دراسة العِبَر الواجب استخلاصها من تداعيات ونتائج العدوان الأخير على غزة، وسبل الاستفادة منها في مواجهات مقبلة، سياسية كانت أم عسكرية، أو حتى قضائية. في هذا السياق، لم يكن مفاجئاً أن تركّز وثيقة الاستراتيجية القتالية للجيش الإسرائيلي التي أعدّها رئيس الأركان الجديد، الجنرال جادي أيزنكوت، وتمّ نشر بعض فصولها ونقاطها الأساسية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أخيراً، على الميدان الرئيسي الذي يجب أن يبدأ التحرك فيه، قبل العمليات القتالية وخلالها وبعدها، وهو ميدان الشرعية الدولية.
وقد نصّت الوثيقة المذكورة على أنّ "العدو ينشط أيضاً في ميادين ومستويات غير عسكرية صرفة. وقد نجح العدو في الماضي، في قضم إنجازات الجيش في هذه الميادين والمستويات. ولهذه الأخيرة، وجوه دفاعية وهجومية، ترمي إلى تأمين أدوات للجيش، من خلال توفير الشرعية الدولية لعملياته، ونزع الشرعية عن العدو، وبالتالي، توسّع مجالات المناورة والعمل العسكري للجيش في ساحات القتال، خصوصاً في ظلّ التعقيدات المتطورة باستمرار، في مجال الحرب والقتال، واستخدام القوة ضد الأهداف المدنية والمدنيين".
"
ترى باحثة إسرائيلية أنّه يجب فحص ما يمكن القيام به، وما يجب الامتناع عنه لتعزيز الشرعية الدولية
"
وقد التقطت العقيد السابق في جيش الاحتلال، قسم القانون الدولي في النيابة العسكرية، الباحثة في مركز "أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، بنينا شربيط باروخ، هذا الجزء من الاستراتيجية الجديدة لجيش الاحتلال، للدلالة على أنّ قيادة الجيش باتت تدرك اليوم، أنه "لم يعد بمقدور الجيوش الغربية تجاهل الإطار القانوني ولا الرأي العام العالمي، خلال القتال، ومن ثم الانتصار في المعركة، فقد ولّت مثل هذه الأيام. وكل جيش غربي يخوض حرباً، يكون تحت مراقبة وسمع وبصر وسائل الإعلام، إذ ترد صور الفظائع الناجمة عن القتال، بشكل مباشر ومن دون وسيط إلى وسائل الإعلام والإنترنت، لتولّد ضغطاً عالمياً فورياً بالامتناع عن المس بالمدنيين والبنى التحتية".
ويعكس هذا الحرص الذي تبديه بنينا على الانتباه إلى مخاطر الثورة الإعلامية، سعياً إسرائيلياً إلى تغيير المفهوم العالمي للقوانين الدولية، وكل ما يختص بضرب المدنيين واستهدافهم، عبر صياغة وعي "قانوني" جديد، يوفّر الشرعية المطلوبة لتبرير مثل هذه الحالات، مع وضع أسس تبيّن اهتمام الاحتلال وسعيه للالتزام بالقانون الدولي.
كما ترى بنينا، أنّه في ضوء "الحاجة الهامة للشرعية الدولية، وتوفرها لتكريس وترجمة إنجازات الجيش الميدانية، من المهم فحص ما يمكن القيام به وما يجب الامتناع عنه، لتعزيز هذه الشرعية الدولية، حتى لا يتم قضم إنجازات الجيش العسكرية وخسارته في الميدانيْن الإعلامي والقضائي الدولي، في حال اهتزت الشرعية الدولية للقوة المستخدمة".
وإن كانت شربيط ترى ضرورة الانصياع لضوابط القانون الدولي، باعتباره المفتاح الأساسي لتوفير الشرعية الدولية أثناء القتال، إلّا أنّها لا تنسى الترويج للادعاءات القائلة إنّ "قوانين الحرب الحالية لا تلائم ساحات القتال الجديدة، وأنها صيغت عملياً لحالات الحرب بين الدول وليس بين دول ومنظمات شبه دولية". وعلى الرغم من ذلك، فهي تقرّ بأنّ "التصريحات عن أنّ القوانين تقيّد حركة الجيش، هي غير دقيقة وهي تضرّ عملياً في الشرعية الدولية المطلوبة، خصوصاً في حال صدرت عن جهات عسكرية أو سياسية، لأنّها تمكّن العدو من تقديم دليل على أن انتهاك القانون الدولي كان مقصوداً".